سعاد الصباح: قبلة على جبين الكويت

مكانة المرء في الكويت حيث يضع نفسه.. أما مكان الكويت فهو القلب دائما..

وقد وجدت نفسي فجأة ضمن كوكبة أسماء كريمة وعزيزة على القلب.. أراد مجموعة طيبة من شباب الكويت أن يكرموها ضمن حملة رائعة تحمل عنوان «الكويت تقول شكرا..»..

ولا غرابة لأم أن تقول لأبنائها شكرا.. بمجرد أن تراهم بخير وعافية.. وهم يعيشون تحت ظلالها بأمان..

فالكويت التي أعطت الكثير.. هي أكرم من يقول شكرا..

الكويت التي داوت جراح حتى من جرحوها.. هي أصدق بلسم تطيب به النفوس، وتقرّ به العيون..

أطالع وجه الكويت البهي الذي يقف فيه الزمن عند أجمل عمر.. وأتذكر أن الزمن مرّ بي وما زلت أركض أسابق الوقت لكي أغرس المزيد من الشجر في كل مكان..

وفي حموة الجهد يأتي هذا التكريم..

وأعي أنه تكريم ليس لي، المقصود به الشخص، بل رمزية الشخص.. فيشمل تكريمي كل فتاة قالت: لا في وجه القهر، وكل امرأة قالت: لا ضد التعسف.. وكل أديب نال ضربة سوط لأنه يهتف للحرية.

ولم أكن إلا جنديا يقف في الثغور يسهر ويحرس ويدافع وهو يعرف أن ثغورا أخرى يقف عليها جنود غيره لو لم يكونوا.. لذهب هو سُدى!

كان سلاحي القلم.. وأرض معركتي تدور فوق الصفحات وفي العقول.. ومنذ الرحلة الأولى إلى طلب العلم في القاهرة في أواخر الستينات ثم إلى بريطانيا أواخر السبعينات.. عرفت أن المعرفة ليست ترفا ولا شغل وقت فراغ.. بل هي جهاد وعبادة في أمة أول أمر تلقته هو «اقرأ»..ليس لنا على الكويت فضل.. فنحن نأخذ منها لنعطيها، نسقيها بما تجود به لنا من ماء..

وعندما كتبت عن الكويت شعراً:

«..هي الخيمة، والمعطف، والملجأ.

وهي الثوب الذي يسترنا..

وهي السقف الذي نأوى إليه..

وهي الصدر الذي يدفئنا..

وهي الحرف الذي نكتبه..

وهي الشعر الذي يكتبنا..

كلما هم أطلقوا سهما عليها… غاص في قلبي أنا»..

لم أكن أكتب الكويت.. بل كانت هي التي تكتبني..

الكويت… محاولة الركض الأول للخروج من مهد الطفولة.. إلى ملاعب الشمس ومفازات الحياة.. خفقة علم ترف في القلب، الارتباكات الأولى في الحب..

نيابة عن أهل هذه الأرض جميعا..

أطالع جبين الكويت الحييّ البهي.. فأطبع فوقه – بقلبي – قبلة.. تعطيني مزيدا من الحياة والأمل.. والألق..

د. سعاد الصباح
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.