خطوط مبدعة، طالما أثّرت وتأثرت بقضايا من الواقع السياسي، أبطالها شخوص كاريكاتيرية، لها من القسمات والتعبيرات الساخرة، ما هو أكثر تأثيراً من الكلمات والتصريحات الجادة، لسان حالها ينطق بحقيقة تكمن في ظلها رؤى، تعكس ما يدور من مفارقات القضايا السياسية، وقّعها مبدعون كان ولا زال لخطوطهم ما رسم صوتاً، كان له من الصدى ما كلّف البعض حياته.
الكاريكاتير السياسي العربي، رسم الهمّ العربي، عكس واقعه، ورصد أبعاده، على صفحات الجرائد العالمية، بريشة ابدعت في بداياتها بالرسم على جدران سجون المعتقلات، للفنان الفلسطيني ناجي العلي، الذي ابتدع في الستينيات رمزاً للفلسطيني جسّده في شخصية «حنظلة»، اذ كانت أيقونة رسوماته التي وقّعها على صفحات جريدة السياسة الكويتية، الا ان العلي اغتيل اثر حادث اكتنفه الغموض في العاصمة البريطانية، ففردت الأوبزيرفر اللندنية مساحة للكاريكاتير العربي، تحت عنوان «النكتة التي كلّفت الرسام حياته»، ليبقى «حنظلة» بطلاً شاهداً على الهمّ العربي.
ما بعد ناجي العلي، نشرت صفحات الجرائد العربية والعالمية، رسوماً لفنان الكاريكاتير السوري علي فرزات، الذي كان له في 2001 أول ترخيص لجريدة «الدومري» كجريدة مستقلة في سورية منذ 1963، الا أنها ما لبثت ان توقفت عن الصدور، بعد سحب ترخيصها اثر بعض الاشكالات مع السلطات، ليتخذ من مقر الجريدة صالة للفن الساخر.
بدت رسومات فرزات صوتاً في مظاهرات الثورة السورية، ليتعرض للاعتداء الذي كاد ان يودي بحياته. حرية الفكر وحرية الصحافة أهم ما ناله فرزات من جوائز البرلمان الأوروبي ومنظمة مراسلون بلا حدود وجريدة لوموند الفرنسية، ليصنف بذلك ضمن اهم مائة رسام كاريكاتير في العالم.
تبقىٰ المفارقة فيما بين ناجي العلي وعلي فرزات في ما وراء الشخصيات الكاريكاتيرية !
مريم حسين مكي الجمعة
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق