هناك لغط كبير حول ارتباط القيمة الدفترية للسهم بسعر السهم عند العديد من المتداولين في السوق الكويتي. اذ يفترض البعض ان القيمة الدفترية واقعية وانه لابد لسعر السهم ألا يقل عن قيمته الدفترية، ويمكن الرد على هذا المعتقد الساذج بالآتي:
> أولاً، مع افتراض ان القيمة الدفترية للسهم هي ما سيحصل عليه المستثمر في حال تصفية الشركة، فهل يستطيع المستثمر اجبار الشركة على التصفية؟ ولو افترضنا انه يستطيع، فكم ستستغرق العملية من وقت حتى تتم، وكم ستتكبد الشركة من خسائر قبل حدوث ذلك؟ وكم ستكون القيمة الدفترية عند ذلك؟
> ثانيا، عادة ما تقيم الشركات على أساس مبدأ الاستمرارية، وهذا يعني من دون اخذ أي اعتبار للتصفية. لذا يجب الاخذ في الاعتبار الارباح او الخسائر المستقبلية (5 سنوات مثلا) وتأثيرها في القيمة الدفترية. ثم نقوم بتوقيع مكررات الربحية والقيمة الدفترية عند نهاية الفترة لبيان سعر التخارج، وهل يستحق الانتظار أم لا؟
فإذا كان حال غالبية الأسهم التي تضاعفت قيمها مؤخرا غير مستقرة، فلماذا لا يتعظ المتداولون من مصيدة القيمة الدفترية، حيث لا يمكن تحديد الارباح المستقبلية بشكل مقبول، أو مدى صحة القيمة الدفترية (من دون تلاعب أو تضخيم)، أو حتى اطمئنان الى وجود الشركة بعد 5 سنوات مثلا، وتوجد امثلة لشركات مدرجة بالبورصة، اصبحت قيمتها الدفترية اقل من عشر ما كانت عليه بنهاية 2009، أي بعد سنة من بداية الازمة في 2008.
من ناحية اخرى، يجدر التساؤل عن كيفية الاستفادة من الافصاحات لتجنب الوقوع في مصيدة القيمة الدفترية؟
في الواقع وبعد قراءة الافصاحات بالبورصة للشركة المستهدفة، وفي حال ما اذا كانت الاجابة بنعم على اي من الاسئلة التالية، يفترض تجنب السهم او استشارة خبير يستطيع قراءة وضع السهم، لبيان مستوى المخاطر او امكانية الشركة على الاستمرار أو حتى تحديد مستوى مقبول لقيمة السهم (مثلا من 80 إلى 100 فلس). والاسئلة هي:
1 – هل هناك تحفظ من قبل المدقق يجعله يتخوف من استمرارية الشركة؟
2 – هل هناك احكام أولية تجبر الشركة على دفع مبالغ كبيرة لجهات أخرى؟
3 – هل هناك قضايا من البنوك الدائنة أو مفاوضات معلنة قد تنتهي بتملك البنك للشركة في حال عدم السداد؟
4 – هل هناك علامات استفهام حول اصول الشركة الكبيرة التي نسمع اخبارا عن تقدم مشترين او نية الشركة في بيعها؟
لكن ثمة بعض الاسهم يمكن قياسها حسب مفهوم «نفخة السيجارة» التي يتحدث عنها وارين بافيت، فلطالما فضل بافيت الاستثمار على المدى البعيد، لكنه يشير الى صديق له، يبحث دائما عن فرص الاستثمار الرخيصة (مدرسة جراهام) يدعى والتر شلاوس.
ويتبع شلاوس اسلوبا قصير المدى، يسميه بافيت «اسلوب نفخة السيجار للاستثمار»، حيث يوضح بافيت هذا الاسلوب على النحو التالي: «تمشي بالشارع، فتجد سيجارا ملقى على الارض، وهو رطب وقذر، لكن به نفخة واحدة فقط، وهي مجانية، فتقوم بالتقاط السيجار وتنفخ النفخة المجانية، ثم ترميه وتذهب لتبحث عن غيره».
ويضيف: «هذا ليس رائعا، لكنه يمكن ان يعمل اذا كنت تبحث عن نفخات مجانية».
قد نجد بعض الاسهم الرخيصة التي ينطبق عليها مفهوم السيجار بالسوق الكويتي، حيث ارباحها قليلة وسعرها رخيص، لكن ما هو اكيد ان هناك اسهما قد لا تساوي بضعة فلوس، تتداول بأسعار اعلى بعشرات اضعاف قيمتها المقبولة حتى لمن يريد ان يرميها بسرعة.
❊ كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق