قال الله تعالى «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
هنا دعوة صريحة من الله عز وجل إلى العمل الصالح وليس العمل الفاسد، ونحن اذ نشير إلى المحافظ العقارية لا يعني اتهامنا للجميع، ولكن للفاسدين منهم فقط، ومن خلال عملنا في الوساطة العقارية اتضح لنا جليا انتقال مرض الفساد الاداري المزمن في الادارات الحكومية العامة الى القطاع الخاص وبالاخص بالنشاط العقاري لحجم الارقام المليونية المتداولة به، حاله حال توأمة نشاط سوق الأوراق المالية الذي تعرى بالكامل خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكيف كنا نرى تساقط أوراق التوت عن تلك الشركات الورقية حتى وصل حال بعض اسهم الشركات ان يصل سعر السهم الى ارخص من سعر كيس الخبز المدعوم من الدولة، وبعض الشركات اختفت خلف قانون الانقاذ وبعضها استعان ببعض المسكنات المؤقتة، باستثناء بعض الشركات ذات الارباح التشغيلية الحقيقية.
ان ما يحدث خلف الأبواب المغلقة لبعض مجالس وإدارات المحافظ العقارية يشيب الرأس منها شيباً، حيث اصبح التلاعب بالاسعار اما من خلال المبادلات العقارية للحصول على السيولة المالية واما من خلال رفع اسعار العقارات من خلال التعاون مع بعض مكاتب الوسطاء بتقديم عروض طلب شراء غير حقيقية فقط للتلاعب على الآخرين بوجود منافسين للشراء.
وكذلك وصل الأمر الى ابتزاز بعض مكاتب وسطاء العقار من اجل اقتسام عمولة السمسرة او بطريقة احتساب مبالغ خارجية يتم تقاسمها مع بعض، والكثير من التلاعبات التي وجدت بهذا النشاط وذلك بسبب غياب الرقابة الحقيقية من الجهات المعنية بالأمر.
ولو عرجنا قليلا الى الجهات المعتمدة في التقييم العقاري لوجدنا الكثير من السلبيات التي تقزم عمل التقييم العقاري، اذ لا تستغرب من ان عقارا قيمته السوقية تصل الى 15 مليون دينار كويتي يتم تقييمه من خلال ورقة واحدة تخلو من كل المؤشرات والنقاط الاساسية لمعرفة كيف يتم تقييم ذلك العقار وبتكلفة لا تتعدى 500د.ك فقط، حيث يتم التقييم بالاعتماد فقط على سعر البيع المتداول حاليا في السوق دون النظر الى تضخم هذا السعر أو عدم حقيقته.
ولتقريب الفكرة اكثر للقارئ نود ان نوضح ان التقييم العقاري لأي سلعة عقارية يجب ان يعتمد على لغة الأرقام الحقيقية، وعلى سبيل المثال لو أردنا تقييم مجمع تجاري في منطقة السالمية، لا بد ان نسلط الضوء أولاً على الموقع العام للعقار ومدى الكثافة السكانية المتواجدة بالقرب منه ونوعية مداخيلهم المالية الشهرية، وما هي الشرائح المستهدفة التي ترغب بالاستئجار في هذا العقار، ثم نقيم المبنى من جميع النواحي الهندسية والمعمارية والميكانيكية وغيرها من المواد المستخدمة في تشييد ذلك المجمع، وكذلك دراسة القيم الايجارية الموضوعة وهل تتناسب مع أسعار السوق أو لا والكثير من النقاط التي يحتاجها أي مستثمر لشراء العقار حتى تكون الصورة واضحة وجلية أمامه، أما المعمول به حالياً في أغلب جهات التقييم فهو باختصار «حيص بيص!».
ان المشاكل في السوق العقاري الكويتي كثيرة ومعقدة، وفي ظل غياب رؤية أو استراتيجية واضحة ومعلومة من كل الجهات الحكومية والخاصة ممثلة بالشركات العقارية والتجارية والوسطاء العقاريين أو من جهات البلدية والكهرباء والتسجيل العقاري وغيرهم من الجهات المعنية، ان لم تضع النقاط على الحروف وتنظيم العمل العقاري بكل جوانبه وتشعباته، فاننا نسير الى أزمة مفتعلة دون الاحساس بنتائجها المستقبلية، أتمنى ألا تزعج هذه الكلمات القليلة عروش الفاسدين بقدر ما نتمنى ان نوصل رسالة للناجحين بانهم قادرون ان يكونوا ناجحين في عملهم من دون فساد.
والله من وراء القصد.
ودمتم بخير.
أحمد النبهان
مدير عام المؤشر دوت كوم للخدمات العقارية
A.ALNABHAN@ALMOASHER-RE-COM
almoasherdotcom@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق