عزيزي اللص الذي سرق سيارتي، نهاية يناير الماضي قمت بشراء سيارة حديثة 2013 و«نقيت» ثمنها كاش لأول مرة في تاريخي البشري، ودفعت 12500 دينار ثمنا لها، لم استخدم السيارة إلا في 3 مشاوير ولم يسجل عدادها من الوكالة إلى منزلي حتى منزل صديقي أكثر من 200 كيلومتر، وكان زيتها أشقر «شقار وكالتها» عندما سرقتها معاليك.
ربما لا تعرفني، ولكنني سأعرفك بنفسي، أنا موظف قطاع خاص، وأعتبر جوازا من الطبقة المتوسطة التي تسعى حكومتنا للقضاء عليها بكل وسيلة متاحة، أنا ابن طبقة تجاهد لتبقى حية بين فكي كماشة التجار والحكومة، وشخص مقترض بطبيعته أو لنقل بـ «كويتيته» حاولت مرارا أن أكون تاجرا في البورصة ولكنني وبسبب أحداث 2008 لم أصلح حتى مضاربا بسيطا، ولقيت ما لاقى حسينوه بن عاقول.
عملي الحقيقي والوحيد الذي «أترزق» منه هو الكتابة الصحافية، ولا أجيد أي شيء آخر، لم أعمل لصالح مرشح مجلس أمة ولا لصالح نائب ولا لصالح وزير، إيمانا مني بأن قلمك وحتى يبقى حرا يجب أن يكون بعيدا عن كراسي السلطة، والحمدلله أعتقد أنني نجحت في هذا إلى حد كبير، ونأيت بنفسي عن كراسي السلطة والمسؤولين والنواب التابعين والمتبوعين، فكانت زاويتي اليومية من نتاج بنات أفكاري وليست من بنات أفكار شيخ أو وزير أو نائب أو تاجر.
عندما يتمكن شخص مثلي يعيش بـ «كويتيته» الاستهلاكية أن يجمع مبلغ 12500 دينار لشراء سيارة نصفها دين طبعا، فاعلم أنه ارتكب أمرا مستحيلا، وكأنه صادق الخل الوفي وقتل الغول واصطاد العنقاء.
بعد أن طرت بسيارتي، سامحك الله، أجبرتني على أن أعيد حسابات ميزانيتي لمدة عام كامل، بل وربما تستلزم إعادة جدولة ميزانيتي أكثر مما استلزم حكومة دبي لجدولة ديونها، ليس هذا هو المهم الآن بعد أن تجاوزت أزمة فعلتك، التي أتمنى أن يغفر الله لك.
لا أعلم، كم سيارة سرقت، ولا كم قلبا كويتيا أو مقيما فجعت بسرقات سياراتهم، ولا أعلم إن كانت السرقة مصدر دخلك الوحيد الذي «تترزق» منه أم إنها هواية كما يفعل بعض مسؤولينا وسياسيينا الذين يمارسون السرقة لا لشيء إلا أنهم يعتبرون السطو على المال العام جزءا من صميم عملهم السياسي، حتى اننا أصبحنا نشك في أن العمل السياسي مرتبط بالسرقة في بلدنا؟!، وحتما لا أعتقد أنك سياسي ولكنك أتيت بفعل سياسي بامتياز، فقد سرقت.
لا يهم، سيارتي وبعد 6 أشهر من الفقد في ذمة حضرتك، وهي ذمة أعتقد أنها أوسع من عين شمس ظهيرة شهر يوليو، لم أعد أرجو عودتها.
لا أعلم إن كنت صرفت ما كسبته من سيارتي على أولادك، أو تزوجت به، أو حتى صرفته على ليلة حمراء!
ولكنني وبإعادة التفكير بفعلتك التي مستني شخصيا، وبعد 6 أشهر كاملة، انتبهت أنك وإن كنت سيئا، إلا أنك أفضل وبكثير من اللصوص الساسة، فأنت تسرق سيارة مهما بلغ ثمنها، وجريمتك واضحة، وإن قبض عليك «لعنوا خيرك الخير»، وحصيلتك لن تتجاوز الـ 20 ألف دينار في أفضل حال من الأحوال، وتأثير فعلك لن يطول سوى شخص واحد هو صاحب السيارة «المسكين» كحالتي، أما لصوص الساسة فيسرقون مستقبل أمة بأكملها وأقل سرقة يرتكبونها لا يقل ما يحصلون عليه منها عن المليون دينار، الأدهى أنه وحتى إن قبض عليهم أو تم كشفهم، فجل ما يحصل هو أنه إما يقال أو يطلب منه أن يستقيل حفظا لماء وجهه «تخيل يحفظ ماء وجه السارق المليوني وأنت يا ايها اللص المسكين يراق ماء وجهك من مخفر لمخفر بسبب 10 أو 20 ألف دينار!»، وهل تصدقني لو قلت لك إن مسؤولا استولى على مليون دينار وبعد التحقيق معه في جهة عمله، انتهت اللجنة إلى قرار بخصم 3 أيام من راتبه؟، وأنت لو «صادوك» فستقضي في عنبر 4 ما لا يقل عن 7 إلى 10 سنوات.
نصيحتي لك، اعمل في السياسة، وقبلها أعد إلي سيارتي، وصدقني سأصوت لك و«مقطوع» ذلك في حال عادت الـ 4 أصوات.
Waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق