عبداللطيف الدعيج: انسوا المليارين والأرباح.. تذكروا فرص التنمية وتنويع الدخل التي أُهدرت


صعب على القطيع العربي ان يتفهم المنطق، او ان يناقش بعيدا عن الاعجاب والثقة العمياء بالرموز والضمائر. لذلك لا يزال الاعلام «الطازة» يدق على سالفة الشرط الجزائي. الشرط الجزائي لحماية حقوق الطرفين، يعني لو الله ايهداه مسلم البراك رابي في اميركا لكانت «الداو» هي التي تدفع لنا، لانه سيجبرهم على الانسحاب من المشروع. والشرط الجزائي كان ضروريا ومنسجما تماما مع التنازلات التي قدمتها شركة «داو»، لان العرض الاساسي كان بان تدفع الكويت تسعة مليارات، المفاوض الكويتي او بؤر الفساد حسب تصنيف ضمائر ورموز «الشعبي» نجحت في تخفيض الالتزام الكويتي الى ستة مليارات. امام هذا كان لا بد من اغراء شركة «داو» بقبول هذه التضحية الجسيمة عبر وضع الشرط الجزائي الذي يضمن لها الا تتراجع الكويت عن الصفقة، رغم ان الشرط لمصلحة الطرفين. يعني بالعربي ولمن يعرف كيفية اقتناص الفرص ان الشرط الجزائي كان «الجيمة» او الطعم الذي جذب شركة «الداو» الى الصفقة ودفعها الى القبول بتخفيض قيمة الالتزامات الكويتية الى ستة مليارات… كابيش.. كومبروهندي يا هن….!.

لهذا على «القطيع» والاعلام فوق الطازة الذي يدق بسذاجة او بزغالة على قصة الشرط الجزائي ان يتوقف عن هذا الدق، وعن هذا الاستكبار الساذج. اذ بغض النظر عن كل شيء، التغني بالشرط او الادعاء بكلفة المشروع او اي شيء آخر، كل هذا لن يفيد، ولن يبرر الجريمة التي ارتكبت. نحن الآن في الحاضر، لسنا في عالم الغيب ولسنا نتناقش في جدوى المشروع او احتمالات فشله او نجاحه. واقع الحال والارقام التي لا تكذب يؤكد ان المشروع ناجح او هو في الواقع «نجح»، وان الكويت كانت ستربح ما يفوق الثلاثة مليارات دولار لو انها استمرت في الصفقة. هذه ليست تنبؤات، من الممكن لإعلام القطيع أن ينكرها او أن يكابر بشأنها. هذه حقائق ووقائع وارقام. مرة ثانية كنا سنربح ثلاثة مليارات وزود لو ان الاذكياء عندنا حكومة ونوابا لم يلغوا الصفقة. وكنا ايضا سنوفر غرامة الشرط الجزائي. يعني بالتمام والكمال ستة مليارات هي في الواقع ايضا قيمة ما كنا سندفع للاستحواذ على نصف اكبر شركة بتروكيماويات في العالم.

كل هذا ليس مهما، مثل ماقلنا عوافي، ملياران و00. 16100000000 مليون عافية على الشعبي وعلى القطيع كله. وفوقهم ايضا الثلاثة مليارات التي خسرناها نتيجة عدم اكمال الصفقة. كل هذه المليارات لاتعني شيئا لنا وبرميل النفط فوق المائة دولار (الحمد لله على النعمة).

لكن ما يعنينا ويدمي قلوبنا هنا، هو ان القوى الوطنية ظلت سنوات تنادي وتكافح من اجل تنويع مصادر الدخل، وتحقيق تنمية حقيقية في البلد. ومشروع اكبر مصنع للبتروكيماويات في العالم كان تنمية حقيقية. وكان فرصة ذهبية، خلقها المخلصون والحريصون من ابناء الكويت النجباء. كان سيضعنا في مصاف الدول المصدرة، وكان سيحقق دخلا اضافيا يسهم في رفع الناتج القومي، وكان سيوفر خمسة آلاف وظيفة من المفروض ان يحتلها الشباب الكويتي الذي لا يجد عملا له الآن، وان وجد فانها وظيفة عالة على الدولة، تأخد من الدخل الوطني ولا تضع فيه شيئا. وكان… وكان.

لكن قوى الاستحواذ، والمجاميع القبلية الدينية والتجار الطارئين وكل من يستنكف عن العمل او استغلال طاقته ومواهبه، كانت عيونهم على اسقاط القروض وزيادة الكوادر ورفع الرواتب وتقعيد الحريم في البيت والشباب في الدواوين… كان همهم الاستحواذ الريعي على مداخيل الزيادة العظيمة في اسعار النفط، ولم يكن يعنيهم تنويع الدخل او الارتقاء بالتنمية لهذا كان الغاء المشروع.

***

المصريون يقولون «جاب الديب من ذيله».. هذا ما فعله تماما وزير النفط السابق محمد العليم وكل النجباء ممن سبقه او شاركه اتخاذ ابرام عقد «الداو».. «يابو شركة الداو اكتاف او جابو الذئب من ذيله»… وليست مشكلة هؤلاء النجباء ان بعض الاغبياء هدوه علينا.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.