حسن كرم: الرداحون للاتفاقية الأمنية

لعلي اعتقد ان الحلقة النقاشية التي اقيمت في قاعة مجلس الامة وتمحورت حول الاتفاقية الامنية الخليجية قد جانب بعد المتحاورين الصواب لا سيما في جانب حاجة الكويت الى مثل هذه النوعية من الاتفاقيات.
ولعل اول ما ينبغي ملاحظته هو ان هذه الاتفاقية امنية بمعنى انها بوليسية معنية بالامن الداخلي. لا علاقة لها بأي عدوان خارجي اذا تعرضت له دول المنظومة مجتمعة او منفردة وعليه فاعتبار هذه الاتفاقية على اساس حماية للبلدان الخليجية من عدوان خارجي هو تسطيح وخلط بين مسألتين مختلفتين. العدوان العراقي على الكويت في اغسطس 1990 كان عدوان دولة على دولة ولم يكن عدواناً او مؤامرة حيكت خيوطها من الداخل والعراقيون المقيمون في الكويت الذين تعاونوا مع القوات العراقية المعادية وجدوا على اساس عمالة وافدة بمعنى ان اقاماتهم في الكويت كانت قانونية. والخيبة هنا من رجال داخليتنا الذين تساهلوا بل شرعوا كل ابواب الكويت لدخول هؤلاء البغاة البلاد رغم علم الداخلية ان هؤلاء كانوا يشكلون البوليس السري وحصان طروادة للنظام العراقي الصدامي البائد. بل لعلنا نذكر جيداً كيف تعاون الجهاز الامني الكويتي مع جهاز البوليس العراقي ملاحقة ومطاردة والقبض على المقيمين العراقيين المعارضين للنظام الصدامي، فلا حاجة لان يتذاكى علينا وكيل وزارة الخارجية الكويتية ويخلط بين الامن الداخلي والامن الخارجي، بل ان حديثه في تلك الحلقة النقاشية كان مضحكاً (…) فكيف بالوكيل الاقدم في وزارة الخارجية الذي عايش كل الاحداث التي جرت في الثمانينات والى الغزو العراقي للكويت يتناسى تلك الاحداث ويركز على عداون مباشر وينسبها للامن الداخلي؟ فإن كنتم تريدون تمرير هذه الاتفاقية باي شكل من الاشكال حتى لا يزعل (الاشقاء) عليكم فقولوها صراحة ان هناك ضغوطاً على الكويت لتمرير الاتفاقية!!
ولنكن اكثر وضوحاً وصراحة ونقول إلى هؤلاء الذين يردحون للاتفاقية ان الاتفاقية الامنية الخليجية الموحدة لا ولن تحمي الكويت ولا تحمي امنها الداخلي ولا امنها الخارجي ولا تحمي الدولة ولا نظامها ولا حكامها بل ان الاتفاقية لم تصدر من اجل عيون الكويت او من اجل حماية امنها الداخلي او الخارجي، ولعل اغلب الظن اللذين سطروا تلك الاتفاقية سطروها لغاية في نفوسهم. والايام كفيلة بكشف الخوافي..!!
انني صراحة لا افهم كيف لحكومة يقوم نظامها على اساس مؤسسات دستورية ان ترضخ للقبول باتفاقية تناقض بنودها مع النصوص الدستورية والقوانين المحلية، هذا اولاً وثانياً كيف يتم التعاون او التعامل مع اطراف لا تعترف بدستورك ولا بقوانينك وتالياً من يضمن ان تلتزم تلك الاطراف ببنود الاتفاقية بحذافيرها، وهل الشرطي الذي لديه اوامر باختراق حدودنا والتوغل الى داخل اراضينا يكون قد قرأ الاتفاقية وحفظ بنودها او ان الاتفاقية ترقد في جيب سترته..؟!!
لعل اغلب الظن ان المتحمسين للاتفاقية قد غلبتهم العاطفة على المنطق.. وتأثرهم بالامور العابرة على اساس دائمة. ان التاريخ متحرك ولا شيء في السياسة يظل على حاله، فمن كان في يوم ما صديقاً فقد يغدو عدواً، والعدو ينقلب صديقاً، هكذا علمنا التاريخ ومنطق الاحداث..
ان امننا الداخلي هو مسؤولية وطنية ولا احد في الكون اخوف واحرص على امنك من ابناء وطنك، فقد قيل لا يحك جلدك مثل ظفرك.
نقول للرداحين والطبالين والمداحين للاتفاقية الامنية ان هذه الاتفاقية ياسادة يا محترمين مريبة وبنودها مليئة بالخوافي والغوامض والشياطين تكمن بين سطورها..!!
لا خوف على امننا الخارجي لان التاريخ قد اثبت ان الكويت كانت وستبقى عصية على الطامعين، ولا خوف على امننا الداخلي طالما هناك ابناء مخلصون ساهرون على حمايته، ولا خوف على نظامنا لان الشعب هو الحامي الاول والمدافع عن نظامه.
الاتفاقية الامنية الخليجية لا ينبغي ان تمر لانها مريبة، ولاننا لا ينبغي ان نورط او نكبل بلدنا باتفاقيات غامضة ومفروضة علينا..!!

حسن علي كرم

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.