احمد عيسى: نواب المزارع والجواخير

شهدت الكويت خلال الأسبوع الفاصل بين مقال اليوم وسابقه المنشور الخميس الماضي استجواب وزير المالية مصطفى الشمالي ثم قرار هيئة التحكيم بتعويض شركة “الداوكيميكال” 2.16 مليار دولار جراء إلغاء حكومة الكويت صفقة الشراكة معها عام 2008، يضاف إليهما على الهامش إعلان كتلة الأغلبية براءتها من استجواب النائب الصيفي لوزير الشؤون.
أقل الأحداث أهمية بالطبع استجواب النائب الصيفي لوزير الشؤون والمقدم يوم الأول من أمس، والذي أعلن أنه سيكون نهاية الأسبوع المقبل لكنه استبق الموعد الذي ضربه بنفسه مدة 10 أيام.
وزير المالية المستقيل الخميس الماضي مصطفى الشمالي يعتبر أول وزير بتاريخ حكومات الكويت يقدم استقالته من على منصة الاستجواب قبل تقديم طلب حجب الثقة عنه، وهو أول وزير كويتي يرد على محاور استجوابه فنياً وسياسياً، حيث خصص جانباً من ردوده على مستجوبيه فنياً بالتفاصيل، ثم صعّد عليهم سياسياً وكشف ممارسات نواب الأغلبية وحذر المواطنين من خطورة قرارات الأغلبية التي تجتمع بالجواخير والمزراع والدواوين التي تهدف للنيل من مؤسسات الكويت المالية والاستثمارية العاملة على تأمين عيشة كريمة للمواطنين بعد نضوب النفط، وحقيقة لم أفهم سبب غضب النواب من وصف الشمالي لهم بأنهم يجتمعون بجواخير ومزارع ودواوين، لأن هذا ما نقلته عنهم الصحف، حيث عقدوا صفقة الرئاسة للسعدون بـ”جاخور” النائب هايف، واتفقوا على استجواب الشمالي بـ”ديوان” النائب الشايع، واجتمعوا للتهدئة والتنسيق بـ”مزرعة” النائب السلطان.
ومن الأغلبية إلى قرار تعويض “الداو”، الذي يتباكى عليه اليوم من حرّض على اتخاذه قبل 3 سنوات، حينما قرر النواب (وهم رجال سياسة) أن صفقة “داوكيميكال” خاسرة استثمارياً مقارنة بالرأي الفني للشركة المعنية (كونهم أصحاب الخبرة) الذي أكد أن المشروع سيدر أرباحا مجزية للكويت، فكان أن انتهينا برضوخ حكومة الشيخ ناصر المحمد للتصعيد السياسي، وهو المسؤول الأول عن الإلغاء وتبعات حكم التعويض، لننتهي اليوم فنرى من ضغطوا عليه لإلغاء الصفقة في 2008 هم من يحملونه مسؤولية الخسارة في 2012.
كتلة العمل الشعبي هي أكثر الكتل انقلاباً على موقفها، حيث أكد المتحدث باسمها النائب مسلم البراك (كعادته) أنه يعرف من أعطى “الداو” السكين لتقطع أوصال المال العام (الجريدة 26/ 5/ 2012) بينما هو من أشاد بموقف رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد بعد قراره إلغاء صفقة “الداو” (الراي 28/ 12/ 2008)، إضافة إلى اعتباره قرار إلغاء صفقة “الداو” رضوخا للمطالبات النيابية “قد صحح وضعاً خاطئاً ووفر على الخزينة العامة مليارات الدولارات في قراره بإلغاء المشروع”!
قضية تعويض “الداو” رغم مرارتها كونها لا تقل عن الجرائم العظام بحق الخزينة العامة للدولة كسرقة الناقلات واختلاسات استثمارات إسبانيا، فإنها ربما تكون فرصة للانتباه مستقبلاً مما قد يجرفنا إليه التصعيد السياسي المبالغ فيه من بعض النواب ضد أي مشروع أو شخص أو مؤسسة، فما حدث يدلل على ذلك، إذ كان هناك تدليس سياسي حاد قابله رأي فني متزن، فوقعت الكارثة بعد رضوخ الدولة للصوت العالي، وهو ما تكرر أيضا في قضية “التحويلات” التي حفظت لانتفاء وقوع الجريمة، بعدما صدقها ألوف المواطنين الذين انخدعوا بـ”برزنتيشن” على شاشة عرض باعتباره أدلة إدانة دامغة.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.