افهم ان المعارضة السياسية في الانظمة الديموقراطية عادة ما تكون الاقلية، وافهم ان الاقلية غالبا ما تراقب اكثر مما تشرع كونها تريد ان تحافظ على مكتسباتها وألا يبتلعها تيار الاكثرية. وافهم كذلك ان الاقلية تشرع بصورة لتحد من سطوة السلطة او الغالبية. هذا ما نعرفه من الاقليات في الدول الاخرى، لكن في الكويت الامر مختلف تماماً.
فعلى النقيض من غيرنا، المعارضة السياسية في الكويت هي الغالبية. فهي وبرغم اكثريتها المريحة، لكنها ما زالت تلعب دور الطفل المشاغب الذي لا يعرف ما يريد. فلا اجندة واضحة، ولا تنسيق بين افرادها، ولا تشريعات مهمة لتحمي مكتسباتها وتسوّق لنفسها في الانتخابات المقبلة، بل ولا حتى قادرة على اصطياد نفر واحد من اهم مشروع كان لديها وهم القبيضة مع ما تملك من ادلة واثباتات! مجرد تصويتات ومواقف وتصريحات لاستفزاز الاقلية!
هذه المعارضة ناجحة في الفشل، وفاشلة في النجاح. نعم ناجحة في اقصاء ناصر المحمد، لكنها فاشلة في كشف الانتهاكات بمصروفات ديوان سموه. نعم ناجحة في وعودها لناخبيها بمحاسبة الحكومة واستجواب وزارة الداخلية انتقاما للفرعيات، لكنها فاشلة في استرداد ملايين الاعلانات. نعم ناجحة في اقصاء وزير النفط السابق علي الجراح، لكنها فاشلة في استرجاع مليارات الناقلات. نعم ناجحة في حل مجلس «أيتام المحمد»، لكنها فاشلة في استعادة ملايين الايداعات. نعم ناجحة في اسقاط حكومة الفساد واليوم الذي لأجله ولدتهم امهاتهم، لكنها فاشلة حتى النخاع في استنقاذ واسترداد التحويلات. نعم ناجحة في استبعاد وزير الداخلية، لكنها فاشلة وقاصرة عن كشف هوية قاتلي الميموني! نعم ناجحة في اقصاء مصطفى الشمالي، لكنها فاشلة في استرجاع خسائر المال العام في التأمينات ومحاسبة «المسؤول المباشر» عنها!
هذه المعارضة فاشلة بل وخائبة لانها تصرخ بلا منطق ولا سقف ولا حدود. فلا هي اتخذت التدابير الصحيحة لتجنيب الكويت مليارات صفقة «الداو»، ولا هي ابقت الصفقة وتركتها لنجني كما يقول خبراء النفط، ولا هي قادرة الآن على محاسبة احد وتحميل اي طرف المسؤولية. فما الاجراء الذي اخذته المعارضة «الذكية» ضد العليم؟ قد تقول، الموضوع حار وجديد، طيب ماذا فعلت المعارضة مع العليم بخصوص ملايين حملة طوارئ الكهرباء؟ فهل بعد هذه الانجازات الوهمية قادرة على تحقيق شيء؟ هذا ويهي!
د. حسن عبدالله عباس
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق