ان تكون لمعشر الصحافيين نقابة، فهذا هو الوضع الطبيعي والاعتيادي وهو الحاصل في معظم البلدان التي تلتزم بقوانين العمل واحترام المهنة.
فأي مهنة او حرفة لئن كانت صغيرة وهامشية او مهمة وحساسة لابد وان يكون هناك طرف ينظمها ويحرص على حقوق العاملين فيها.
في ظل الحريات الدستورية التي ننعم بها في وطننا العزيز كثرت في السنوات الاخيرة موضة تأسيس النقابات. فنجد على سبيل المثال نقابة للفنانين ونقابة للاعلاميين ونقابات اخرى ما انزل الله بها من سلطان في الوقت الذي توجد جمعيات تحت ذات المسميات ولذات الشأن.. فما هي الزيادة او الاضافة التي تضيفها النقابة وعجزت عن تحقيقها الجمعية؟!
نقابة الصحافيين كسبت أخيراً معركتها مع وزارة الشؤون في حقها بتكوين النقابة في حكم قضائي لا رجعة عنه. خصوصاً انه صادر من أعلى درجات التقاضي.. ونحن هنا لا نملك الا ان نبارك للاخوة الزملاء اعضاء النقابة نجاح مسعاهم وكسب معركتهم.
ولكن وهنا بيت القصيد ان تجيز القوانين الكويتية تأسيس نقابة لمهنة ما. فهذا هو الامر القانوني، ولكن غير القانوني ان تؤسس نقابة لمهنة كل العاملين فيها غير متفرغين فأهم شروط العمل النقابي هو التفرغ المهني فكم عدد الصحافيين الكويتيين العاملين في الصحافة الكويتية يمتهنون المهنة دون غيرها..؟!!
ولجت بلاط صاحبة الجلالة الصحافة عند صيف 1963 اي اكملت خمسين عاما بالتمام والكمال وأنا أخوض مهنة المتاعب. وفي الخمسين عاماً هذه لم أر صحافياً كويتياً (وانا منهم) متفرغاً للعمل الصحافي الا نادرا بل لا يتعدى عدد المتفرغين في احسن الاحوال عدد أصابع اليد الواحدة وهؤلاء ايضا يمتهنون مهناً جانبية كالعمل التجاري ونحو ذلك.
ولعل من اهم او من احد اسباب عدم تطور الصحافة الكويتية وغياب المهنية او الاحترافية هو من غياب التفرغ، فالقيادات الصحافية الى جانب كونهم غالباً غير احترافيين ايضا غير متفرغين، وكذلك المحررون، ولذلك كان الاعتماد على الاخوة الزملاء الوافدين الذين يتولون ادارة العمل المهني سواء في مجال التحرير او الاخراج او الطباعة.
لذا أتصور ان الدور المطلوب من نقابة الصحافيين هو معركة التفرغ للصحافيين الكويتيين، فلا يمكن ان نقول لدينا صحافة كويتية ما لم يكن هناك صحافيون كويتيون متفرغون يقومون بكل الاعمال الصحافية في كل مجالات المهنة، هذا فضلاً عن ايلاء الجانب التدريبي للصحافيين المبتدئين وحتى المنخرطين في المهنة فالعمل الصحافي عمل ديناميكي متطور سيما الى جانب الثورة التكنولوجية والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي سرقت من الصحافة الورقية قراؤها.
صدور حكم لصالح النقابة لاينبغي ان يكون آخر المشوار وانما هي الخطوة الاولى في رحلة الاف ميل ولن تنجح النقابة اذا لم تثبت اقدامها على الطريق القانوني الصحيح وهو التفرغ الصحافي – نعم هي معركة أظنها طويلة وشاقة لكنها ضرورية ونجاحها مؤكد ذلك انه لا نقابة للصحافة بلا صحافيين متفرغين.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق