محمد رمضان: التلاعب في البيانات المالية.. أشكال وألوان

بعد أن حذرنا من خطورة الوقوع في مصيدة القيمة الدفترية في مقال سابق. نحاول اليوم توضيح بعض طرق التلاعب لزيادة أو نفخ القيمة الدفترية (التلاعب بالبيانات المالية)، والتي يتم اللجوء إليها من قبل بعض الشركات المدرجة بالسوق الكويتي. أحيانا بغرض التلاعب ورفع القيمة الدفترية، وأحيانا تحدث كنتيجة لعمليات سابقة قد لايكون الهدف الأساسي منها رفع القيمة الدفترية.

فما كان رائج سابقا، هو إعادة تقييم بعض الأصول بمباركة المدقق. ولكن بعد الأزمة المالية لم يعد بالإمكان تبرير ارتفاع قيمة الأصل بسهولة، فتم اللجوء إلى طرق أخرى منها:

1 – تسجيل بعض الأصول بدون وجود اثبات يبين ملكية الشركة للأصل، عادة ما يصاحب ذلك تحفظ من المدقق أو اشارة الى ذلك بالبيانات المالية.

2 – اظهار ملكيات بشركات تابعة وزميلة، لم تقدم بياناتها المالية لفترة تزيد على سنة. وبالتالي طمس أثر الخسائر المتكبدة لو تم تقديم تلك البيانات المالية. وعادة ما يصاحب ذلك تحفظ من المدقق أو إشارة الى ذلك بالبيانات المالية.

3 – نظرا لتأصل نظام الجروبات بالسوق الكويتي، والذي أشرنا إليه في مقالات سابقة. تقوم بعض الشركات ببيع أصل من أصولها إلى إحدى الشركات الزميلة (نفس الجروب)، بسعر عال ويتم تحقيق أرباح دون تحصيل المبالغ فعليا. فتظهر كمبلغ مستحق من أطراف ذات صلة (عند البائع) ومستحق إلى أطراف ذات صلة (عند الشاري). ولكن تقوم بعض الجروبات وبهدف اخفاء هذه المبالغ المستحقة، بعمل عملية معاكسة. حيث يبيع الطرف الشاري أصلا آخر وبسعر عال إلى الطرف البائع في العملية الأولى. وتكون النتيجة رفع القيمة لكل من الأصلين وبالتالي القيمة الدفترية للشركتين. وتظهر هذه العملية في بند التعاملات مع أطراف ذات صلة.

4 – ولاخفاء هذا البند أيضا، أي بند التعاملات مع أطراف ذات صلة، تلجأ الجروبات الى كيان خارجي، غير مدرج (ربما موجود خارج الكويت). حيث لايمكن اثبات صلته بالجروب على الرغم من أنه عكس ذلك بالواقع. تلجأ إليه للقيام بعمليات الشراء والبيع لطرفي المجموعة وبالتالي رفع القيمة الدفترية بدون شبهات يسهل كشفها بمجرد النظر إلى البيانات المالية.

وما بدأ يتكرر مؤخراً، هو قيام شركة ما بزيادة حصتها بشركة تابعة بسعر أعلى بكثير من السعر المسجل في دفاتر الشركة الأم. أي تقوم الشركة الأم بزيادة حصنها بالشركة التابعة عن طريق شراء حصة صغيرة نسبيا بالشركة التابعة مما يترتب عليه إعادة تقييم الحصة القديمة بالسعر الجديد، وبالتالي تحقيق أرباح استثنائية من الصفقة وترتفع القيمة الدفترية للشركة الأم. وكنتيجة طبيعية يقل مضاعف القيمة الدفترية للشركة الأم (أي سعر السهم للقيمة الدفترية) ويصبح سهم الشركة الأم أكثر جذبا واكثر قابلية للارتفاع نظرا لارتفاع القيمة الدفترية والربحية بالنسبة لسعر السهم قبل عملية الاستحواذ الأخيرة. وليس بالضرورة النظر إلى هذا الإجراء على أنه نوع من التلاعب، لكن يجب النظر إليه بالاعتبار عند تقييم السهم وقبل القيام بعملية الشراء.

كما أن هناك عمليات تجميلية أخرى، يتم إجراؤها للبيانات المالية ليس بهدف زيادة الأرباح أو القيمة الدفترية. ولكن بهدف تقليل الالتزامات أو تقليل المخاطر المالية على الشركة ظاهريا، ربما سيتم التطرق إليها في مقالات لاحقة.

وما يهم إظهاره، هو أن البيانات المالية ممكن التلاعب بها. ويمكن كشفها دون صعوبة كبيرة كما يظهر الجدول التالي. ولمن يجد ذلك معقدا، فمن الأفضل له استشارة أهل الخبرة عن جودة وصحة البيانات المالية قبل أن يقوم بالشراء ويقع في مصيدة التلاعب.

محمد رمضان

كاتب وباحث اقتصادي

rammohammad@

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.