حسن عباس: مجلس بو صوت أو أربعة

لابد لكل متابع للأحداث المحلية أن يلتفت وينتبه إلى الحركة غير الطبيعية السائرة هذه الايام.
الشيء الأول المثير للانتباه تلك اللقاءات والدعوات المستمرة من شيوخ القبائل للأمير. صار لنا الآن تقريباً أسبوع ومع طلة كل صباح نشاهد على الصفحات الاولى والنقل التلفزيوني شيوخ القبائل والأمير يدا بيد، مرة عند العجمان وثانية عند العوازم وثالثة عند المطران وهكذا. طبعا لا شيء في هذا كله، فالأمير أب الجميع ويذهب إلى دواوين الكُل بلا استثناء.
لكنه مثير ومُلفت كونه جاء فجأة ومرة واحدة خصوصا وأنهم (أي شيوخ القبائل) كانوا بعيدين الفترة الماضية ومنحازين أكثر إلى المعارضة السياسية التي جرّتهم صوبها أكثر من وقوفهم على الحياد.
الامر اللافت الاخر هو تعجّل النواب وتصرفهم بشكل غير طبيعي. فتصرفاتهم المستعجلة والجنونية بالتهافت على الاستجوابات وتقديم الاسئلة البرلمانية الكثيرة المتتالية لا تُشعر المتابع سوى أنها حملات تسويقية ودعاية مبكرة للحملات الانتخابية التي ستُجرى عن قريب. الأمر الثاني اللافت بالنسبة للنواب أن تشريعاتهم وقوانينهم ومقترحاتهم أصبحت تميل أغلبها إن لم أقل كلها صوب الصبغة الشعبوية ذات الطابع المالي، من قبيل صرف التموين مرتين في رمضان وصرف بدل عدوى للصيدلانية في الجهراء وشاغلي الوظائف العامة وزيادة علاوة الاولاد إلى 75 ديناراً وتعديلات قانون المعسرين واسقاط الفوائد وهلم جرا.
الكلام نفسه يُسحب على الحكومة التي بدأت هي الأخرى الإعداد لخطط وسيناريوهات كيف ستتصرف حيال الاستجوابات وقبل وبعد صدور قرار الدستورية وما إن كانت ستتقدم باستقالتها أم ستكتفي بالتدوير لبعض الوزارات.
إذاً تبدو الاوضاع سائرة باتجاه انتخابات جديدة. لكن ألا يحق لنا أن نسأل ما الذي فعله هذا المجلس؟ لا أريد المبالغة، لكن الموضوعية تقتضي أن نقول ان الاداء كان يدور بين المتوسط إلى الضعيف. فبرغم الهدنة، وبرغم مقاطعة المعارضة، وبرغم الدرجة العالية للانسجام بين المجلسين، مع ذلك ظل الاداء متواضعاً.
أدري أن البعض سيذكرني برقم التشريعات والانجازات. لكن الفخر ليس بضخامة هذا الرقم، بل بنوعية القوانين والتشريعات. فالكويت تُعاني من مشكلة الوحدة الوطنية، مشكلة تنويع مصادر الدخل، تعاني من سوء مخرجات التعليم، تعاني من انتشار الفساد، تعاني من ضياع هيبة الدولة، تعاني من التدخل وارهاب السلطة القضائية. الكويت تعاني من أمور مصيرية كُبرى أعقد من مجرد رقم لعدد اقتراحات وقوانين شعبوية، وهي بالنهاية مطالب ملحة عجز هذا المجلس «المنسجم» مع الحكومة ولم يقدر على تغيير وتحقيق أي شيء من هذا الواقع.

hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.