ناصر العمار: طيارة جدة…غير

الطائرة المتجهة الى جدة غالبا ماتتشرف بركاب ينوون تأدية العمرة لكن الغريب العجيب والمحبب هو القاسم المشترك الذي يربط الركاب فمنهم خاشعون تائبون خافقو أجنحة الذل وطالبو المغفرة من الخالق عز وجل، ووجوه نيرة مستبشرة مسفرة حامدة شاكرة..يمتزج صوت دعاء السفر المنثور في اجواء الطائرة قبل الاقلاع مع دعوات المسافرين ويتعالى بصوت خافت مهيب استجداءً للرحمة والتمني ببلوغ المقصد العظيم بسلامة المولى..السكون يخيم على اجواء الطائرة على غير معتاد..الغالبية لجأت لكتاب الله تقرأ مايتيسر لها، النساء بكامل زينتهن التي تبرأت من جميع ادوات التجميل، ويعكس ارتداء الحرام طبيعة الرجال، الاصلع اصلع بطبيعته التي تزيده حشمة ووقارا والحالق لشعره على الصفر زادته حلاوة اما ذو الشعر الكثيف فهامته أشد قواما، خليط عجيب يشعرك بنخبة او صفوة من الخلق اتفقوا على اكتمال جميع مقومات هذه الصورة الرائعة…زادها هيبة كلمة التوحيد ومناداة الخالق بالمغفرة..حتى برنامج الطائرة الترفيهي للوسائل المتاحة من خلال السماعات او شاشات العرض تم اختيارها بعناية بالغة لتسهم في اضفاء أجواء روحانية تهيئ للركاب تأدية مناسك العمرة..في شهر رمضان تعود عربة الخدمة الى موقعها دون ان تجد من تخدمه في تقديم وجبة غذاء او فطور او حتى كوب ماء لأن الجميع صائم اما في الايام العادية فسيطرة الخشوع واجواء الاستعداد لتأدية العمرة وبلوغ اعظم المقاصد لتطأ اقدامهم اشرف البقاع وأجل واقدس بيوت الله حرمة وعندما ارجع بذاكرتي الى الطائرات الأخرى، ذات الجهات المتعددة تسعفني الصورة الذهنية الى أولئك النفر من الركاب الذين يعكسون لك من الوهلة الاولى السلوك المتوقع ! جميع معايير التخلف وعدم احترام الغير تسيطر وبنجاح على اخلاقيات البعض منهم أما الاخر فقياس اداء حسن التصرف وبلوغ مستوى اتقان مقومات الشخصية المتحضرة تخلت عن وظيفتها وحلت مقاييس اخرى تؤكد لنا سيطرة عقيدة جديدة على اخلاقيات البعض ومنها (كيفي، انا كويتي هذا مو شغلك، انا ولد فلان، معاك فلان الفلاني) بالاضافة الى لغة جديدة تحاول ايجاد واقع لها وهي لغة التخاطب بالعيون..و..(ثقافة الخز) وتبادل النظرات بطرف العين تخيم على ما تبقى من الوجوم بحثنا ابعادها قبل أكثر من 15عاماً وتساءلنا حينها هل تصبح ثقافة جديدة؟ كيف لا وأصبح العديد يدرك فعلا معنى هذه الثقافة وتبادل مثل هذه النظرات..بل ان العديد منهم قد استلم الرسالة فعلا من خلال وسيلة الاتصال تلك لكن مثل هذا الاثر لا نلاحظه في تصرف شعوب عديدة في هذا الكون وصفت بأنها شعوب متحضرة لكن يبقى موقف واحد أضع نفسي فيه وأتساءل هل ركاب طائرة جده سيكونون هم أنفسهم لو ركبوا طياره ذات جهة أخرى؟ وهل هذا السلوك قابل للتغيير حسب جهة ومقصد الطائرة..انا شخصياً لا أعرف!.

ناصر العمار
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.