“ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الانفال 53).
أعتقد أنه إذا تحول مجلس الأمة إلى ساحة يتم فيها “تصفية الحسابات الشخصية” من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة ضد بعض الوزراء, “ستكرس” هذه التصرفات مشاعر القلق والاحباط لدى المواطنين. بل وأعتقد أيضاً أنه وقت ما يخرج “العمل البرلماني” عن إطاره الدستوري والقانوني المتعارف عليه فربما سيؤدي ذلك إلى تحويل قاعة عبدالله السالم إلى مكان يتم فيه تثبيط العزائم الوطنية التي تسعى لخدمة الوطن والمواطن. حري إذا بأعضاء مجلس الأمة الحرص دائماً على الترفع عن كل ما سيؤدي إلى تحويل برلماننا الوطني إلى حيز سلبي يتم فيه تجذير الطروحات الشخصانية – لأن ذلك ما لا تريده أغلبية الشعب الكويتي.
أعتقد مثلاً أن المواطن الكويتي الذي أدلى بصوته قبل أشهر لينتخب ممثليه في مجلس الأمة يتوقع منهم الأفضل. ومن هذا المنطلق, فالمهمة الرئيسية لأي عضو مجلس أمة سواء كان من الأقلية أو الأغلبية البرلمانية هي السعي لتنفيذ تطلعات المواطن. وتطلعات وآمال أغلب المواطنين الكويتيين تتجلى أيضاً في رغبتهم أن يتوصل أعضاء مجلس الأمة والوزراء لاتفاق أخوي يساهم في تسيير عمل السلطتين بما فيه مصلحة الكويت ومواطنيها. فالمنطق والعقلانية يحتمان على كل أعضاء مجلس الأمة استغلال ما لديهم من سلطات رقابية وتشريعية من أجل إقرار مشاريع قوانين تؤدي إلى تطوير الخدمات العامة وتساهم بشكل أو بآخر في تنفيذ أولوياتنا الوطنية التي يتفق عليها جميع المواطنين الكويتيين. ولذلك, فتجيير كل الطاقات البرلمانية صوب تنفيذ تلك الأولويات الاقتصادية الوطنية المتوافق عليها ربما سيخفف من حدة النقاشات والجدل العقيم وتسجيل المواقف الشخصانية.
لم يصوت أغلبية الكويتيين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من أجل أن يتاح لأحد تسجيل مواقف شخصانية تطغى على أولوياتنا الوطنية. ولم نصوت ككويتيين من أجل أن يتمكن أحدهم من تنفيذ تصفية حسابات شخصانية ضد أحد وزراء الحكومة. فأعضاء مجلس الأمة والوزراء جميعهم أبناء هذا الوطن المعطاء. والكويت وأهلها ينتظرون من كلا السلطتين الانتباه لتحدياتنا المستقبلية الحقيقية في الحفاظ على وحدتنا الوطنية وبث روح الأمل في نسيجنا الاجتماعي الوطني. ولتكريس العمل الجاد للإنجاز والتشييد من أجل هذا الوطن الغالي على جميع أبنائه وبناته. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق