تراجعت مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية خلال الاسبوع الماضي وبداية الأسبوع الحالي، مما أثار الذعر لدى المستثمرين والمتعاملين. لكن هل كان ذلك مفاجئاً لهؤلاء المتابعين للسوق وادائه؟
لقد أرتفع المؤشر السعري والوزني ومؤشر الكويت 15 منذ بداية العام، لكن الارتفاع، خصوصاً للمؤشر السعري، كان بفعل عمليات اقتناء وبيع الأسهم غير الأساسية والمشكوك في أدائها التشغيلي. الأسهم المصدرة من البنوك والشركات الأساسية والتي حققت نتائج طيبة خلال العام الماضي وخلال الربع الأول من هذا العام لم تشهد أي تداولات مهمة عليها إلا ما ندر وفي مناسبات محدودة. ولذلك فإن الكثير من المراقبين كانوا حذرين في تقييمهم لأداء السوق وأبدوا ملاحظات بشأن أهمية التأكد من جدوى اقتناء أي سهم، ومراجعة البيانات المالية قبل تحمل مخاطرة شراء مثل هذه الأسهم.
من جانب آخر، هناك الكثير من صغار المستثمرين الذين عمدوا إلى شراء الأسهم التي يقل سعر السهم بينها عن المائة فلس، وأحيانا أقل من خمسين فلساً، وهي أسهم شركات لم يتبين خلال العام الماضي أو الربع الأول من هذا العام من مقدرتها على تحقيق نتائج واضحة.. وربما كان الهدف من عمليات الاقتناء هو تحقيق أرباح رأسمالية سريعة على مدى أيام معدودة، حيث كان الارتفاع يصل أحياناً إلى عشرة في المائة في اليوم. ولذلك يمكن أن نعتبر تلك العمليات بالمضاربة خلال الأجل القصير.
إن ما هو مستغرب خلال الفترة المنصرمة من هذا العام أن الأسهم الرئيسية ذات النتائج الجيدة لم تشهد عمليات تداول تذكر بما يدل على غياب المحافظ الاستثمارية الرئيسية وبما يؤكد الاختلال المؤسسي في السوق وغياب صناع السوق الذين يفترض بهم قيادة الأداء وتوجيه عمليات التداول على اسس أكثر نضجاً.
مهما يكن من أمر يظل السوق المالي في الكويت قادراً على تجاوز عمليات التصحيح الحادة التي جرت الأسبوع الماضي لأسباب عديدة. فمن أهم ما يثير الاطمئنان أن قيم التداول اليومية ارتفعت إلى مستويات مناسبة، وأحياناً تجاوزت المائة مليون دينار يومياً، وهذا يؤكد توافر السيولة اللازمة. من جانب آخر، وكما سبق الإشارة، أن الشركات الرئيسية التي أكدت نتائج مالية جيدة خلال الربع الأول وهي ستؤكد نتائج جيدة للنصف الأول، لا بد أن تستدرج المستثمرين لتداولها خلال الأسابيع والشهور المقبلة.
هناك العامل السياسي، وهو ما زال غير واضح، ولكن إذا اتجهت الأوضاع السياسية المحلية إلى الاستقرار بعد صدور حكم المحكمة الدستورية في السادس عشر من يونيو (حزيران) الحالي، بصرف النظر عن طبيعة ذلك الحكم، فإن السوق لابد أن ينتقل إلى مرحلة التعافي الأفضل، وقد يدفع كبار المستثمرين للولوج في عمليات تداول مهمة تعزز من ارتفاع المؤشرات المختلفة.
عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق