أثارت تصريحات صحفية اليوم، الاثنين، جدلا واسعا بين علماء الدين في المملكة المغربية، بعد دعوة وجهها عبد الباري الزمزمي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى الحكومات بمنع تعدد الزوجات قانونيا، وشن الشيخ محمد الفزازي، أحد أبرز الوجوه السلفية بالمغرب، انتقادات لاذعة على الشيخ عبد الباري الزمزميودعاه للتوبة.
وكان الزمزمي قد طالب الحكومات بمنع تعدد الزوجات قانونيا، لأن العدل يقتضي ذلك باعتبار أن الأكثرية الساحقة من الأزواج “يفرطون في حق العدل بين زوجاتهم”.
وقال الفزازى، “إنه يجب أن يتوب لأنه تقوُّل على الله واعتداء على شريعته”، مضيفا بأن “هناك من يريد إرضاء النساء على حساب إرضاء رب العالمين، ومن يتحايل على شرع الله حتى ترضى عنه زوجته والنساء”.
وأبرز الداعية الإسلامى بأن الحديث عن تعدد الزوجات حديث عن شرع الله، وشريعة الله باقية إلى قيام الساعة لا يمكن لأحد أن يعطلها، مشيرا إلى أنه إذا كانت شريعة من شرائع الله تُمارس فى التنزيل ممارسة سيئة، فهذا ليس عيب الشريعة بقدر ما هو عيب ذلك الشخص الذى لم يحسن أن يعبد الله بتلك العبادة”.
وشدد المتحدث على أنه لا يمكن القبول بتحريم ما أحل الله إرضاء للناس، فنساء العالمين لا يقبلن بتعدد الزوجات ليس لأنهن يرفضن شرع الله، ولكن لكون تركيبتهن النفسية من مشاعر الغيرة مثلا تدفعهن لرفض التعدد، وهذا من حقهن ربما من باب الغيرة لا أكثر.
ولفت الفزازي إلى أن مطالبة الحكومات بمنع تعدد الزوجات عبر سن القوانين لذلك هو “تقديم بين يدى الله ورسوله، وهذا حرام ولا يجوز أبدا”، متسائلا بالقول، “هلا طالبنا الحكومات بمنع الزنا ومنع العشيقات واتخاذ الأخدان والعهر، وهلا تعاونا مع الحكومات من أجل تطبيق هذا المبتغى النظيف”.
وذهب الفزازى إلى أن تعدد الزوجات يجب أن يكون بضوابطه الشرعية، فشرع الله لا يلزمنا بالتعدد، لكن هذا أمر مباح، ولا يمكن لأى متفقه أن يغلق باب الرحمة”، قبل أن يسترسل بأن التعدد قد يكون حلا لمشكلة الملايين من العوانس ولعدد من المشاكل الأسرية أيضا.
وكان الشيخ عبد الباري الزمزمي، عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، قد طالب بضرورة أن “تمنع الحكومات تعدد الزوجات منعا قانونيا”.
وقال الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للأبحاث فى فقه النوازل، إنه من العدل منع التعدد فى الزواج لأنه حتى إذا وجد أفراد يستطيعون العدل بين زوجاتهم، فإن الأكثرية الكاثرة من الناس يفرطون في حق العدل بين زوجاتهم”، وفق تعبير الفقيه المثير للجدل.
وأكد المتحدث بأن العدل بين الزوجات أمر صعب المنال على الرجل، لأن العاطفة تتحكم فى الزوج، فينساق وراء عاطفته هذه ولا يحقق العدل الواجب بين زوجاته، مردفا بأنه لا يوجد رجل يعدل بين زوجاته العدل الكامل فى النفقة والعشرة والمبيت، إلخ.
وزاد الزمزمى بالقول، “كل من تزوج امرأة ثانية أو ثالثة إلا ويظلم الأخرى، فالزواج بثانية غالبا ما يكون سببا فى تشتيت الأسرة وتضييعها”، مشيرا إلى أنه فى هذه الحالة يكون منع تعدد الزوجات موقفا شرعيا، بدليل واقعتين اثنتين إحداهما في حياة “النبى”- صلى الله عليه وسلم- وثانيتهما في حياة الخليفة “عمر بن الخطاب”- رضى الله عنه.
واستفاض الزمزمى بالاستدلال على منع التعدد بذكر حالة “علي بن أبى طالب” عندما أراد الزواج بثانية، وهو متزوج بابنة الرسول صلى الله عليه وسلم (السيدة فاطمة- رضي الله عنها)، فلما خطب بنت أبى جهل لم يستأذن الرسول باعتبار أن هذا أمر مباح ومن حقه، لكن أهل الفتاة استعظموا أن يزوجوا عليا وعنده بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبوا يستأذنون النبي الكريم، فلم يجبهم لكنه قام وخطب على المنبر.
وتابع الزمزمى بأن الرسول اعتلى المنبر، فقال ردا على رغبة علي بالزواج من ثانية: “إن بني فلان استأذنوني أن ينكحوا بنتهم عليا، ألا فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا إذا أراد علي أن يطلق ابنتي ويتزوج منهم، فإن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها، ويريبني ما يريبها”.
وبرر الزمزمي حدوث هذه الواقعة بأنه إذا كان علي بن أبى طالب لم يأت بمنكر فى رغبته بالزواج بامرأة ثانية على بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن النبى منع هذا الزواج درءا للمفاسد التي ستأتى من بعده.
أما الواقعة الثانية، يُكمل المتحدث، فكانت في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، حيث إنه رغم أن القرآن أباح الزواج من الكتابيات (اليهود والنصارى)؛ فإن الخليفة منع الزواج من نساء أهل الكتاب، حيث عزا عمر ذلك بقوله “لأنكم ستتركون نساء المسلمين عاطلات”.
وانطلاقا من هذا التشريع، يستطرد الزمزمي، فإنه من عين العدل منع التعدد فى الزواج، ذلك أن الناس حاليا لا يتحلون بالأخلاق الإسلامية الحميدة في معاملاتهم بينهم، فبالأحرى مع أزواجهم، فالرجل يتزوج الأولى والثانية لتصير إحداهما سجينة عنده يظلمها ويؤذيها”.
قم بكتابة اول تعليق