منذ أن تشكلت هذه الأغلبية لاح معها بريق الإختلاف بين مكوناتها, لأنها تجمع أضداداً لم يسبق أن اجتمعوا وإن التقوا بالمفرق يوماً فكان من أجل مصلحة آنية ثم ما يلبثوا أن يتفرقوا ثانية.
الأغلبية اجتمعت على عداء الحكومة هكذا ومن دون رتوش, وهو شعار فاز على أساسه أغلبهم بالإنتخابات, بإعتباره سهل المنال شاركتهم فيه القاعدة الناخبة وهو إنجاز يحق للمعارضة أن “تتفاخر” بتحقيقه !
هذه الأغلبية يصح فيها وصف “الأخوة الأعداء” حيث العائلات والقبائل اخطأت الهدف فضاعت بين “الأخوان” و”الشعبي” والسلف, أضداد منذ أن اجتمعت وانتفخت بعوامل الاختلاف لم تصدق نفسها أنها متآلفة لأن مصالحها مختلفة حتى لو جمعهم العداء للحكومة, وهاهي صفوفهم تتشقق مع كل منازلة تتعارض فيها الأولويات مع المصالح.
وإذا أردنا تسمية الأمور بأسمائها فإن الحكومة تمثل النظام وبالتالي فإن إشهار العداء لها هو إشهار العداء المقنع للنظام, وهو ما يمكن تلمسه بإختيار الأزمات التي تستحضرها المعارضة في وجه الحكومة, وهو استسهال استحضار العناوين الجاهزة والمثيرة لحماسة الناخب وسهلة التحقق سريعاً كأهداف مستحقة النتائج. لكن أهم عامل ساعد المعارضة في ذلك حكومة بل حكومات متعاقبة هزيلة بأفرادها وبرنامجها الضعيف ورؤيتها المعدومة, تراكمت الأزمات وشجعت المعارضة والشارع على إعتبارها فريسة سهلة لا تحتاج إلى سباع لإفتراسها بل يكفيها أرانب تنهشها لتظهر مظهر السباع.
لقد تجاوز الصراع مرحلة العبثية ودخلنا طور لعبة الأطفال لكن بخبث الكبار, يطارد المجلس الحكومة فتهرب منه وعندما يضبطها على الكوع بالجرم المشهود يعلو الصراخ: “مسكناها مسكناها” فيعلو الصراخ والجلبة لبعض الوقت ثم ما تلبث أن تهدأ العاصفة ليكمنوا لها على منعطف آخر وهكذا دواليك … معارضة تتخبط من دون خطة تماماً كمثل حكومة تترنح دون برنامج أو رؤية.
المجلس يقزم نفسه ويضيع هيبته ويحول دوره ويضيع الشعب معه حتى صار الوطن في مهب الريح, ولأنكم السلطة الأقوى تصبح مسؤوليتكم مضاعفة عما آلت إليه الأوضاع, صحيح أن الحكومة تحتكر السلطة التنفيذية إلا أنها ليست أكثر من متلقى بإعتبارها تخضع لسلطانكم الرقابي, ولأنكم “أم الصبي” تعالوا إلى حيث يجب أن تكونوا صمام الأمان للبلد, وإذا كانت الحكومة لا تريد إصلاحاً ولا تنمية ولا تطوير فإنكم قادرون ولا شك أن تفرضوا عليها على الأقل برنامج عمل, يتعلقن معه العمل السياسي بعد أفلت الجميع من عقالهم وأوصلوا البلاد إلى حافة الخطر.
كاتب كويتي
al_bander@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق