بعد صدور حكم المحكمة الدستورية الذي اكد نزاهة القضاء الكويتي الشامخ وحيادية رجاله المؤتمنين على العدل يأتي خطاب حضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله خطاب من يعي ثقل الامانة وحجم المسؤولية ليؤكد ان «الكويت المنتصرة والفائزة وأمنها واجب مقدس لا تهاون ولا تساهل فيه» وان «ما شهدته الكويت ليس معركة فيها منتصر ومهزوم أو نزالا فيه غالب ومغلوب» وهو الخطاب الذي لن يعيه عباد الكراسي وعشاق الهتافات وجهلة السياسة ومعدومو البصيرة، وانما يعيه كل مواطن مدرك لم تنطل عليه مزاعم فقدان الكرامة وسلب الحرية وضياع الحقوق.
٭٭٭
من كان يؤمن بنزاهة القضاء ويرتضي الديموقراطية نهج حكم ودولة صفق للحكم واعلن الانصياع له، حتى وان كان لا يحقق مبتغاه، واما من كانت ديموقراطيته اكفاً تصفق وحناجر تهتف وعقلاً تحذف وقصائد تمدح ورأياً لا يقبل النقاش فقد نزل عليه الحكم كالصاعقة التي افقدته الصواب وجعلته يعيش الصدمة المزلزلة، وهو ما كنا نتمناه، لعلها تعيد اليه الرشد فيصدق لو لمرة واحدة مع بني جلدته حيث جلعه الطغيان لا يراها «شيئا مذكورا»!!
٭٭٭
كان البعض يظن انه قادر على زعزعة الامن وهز اركان الدولة اذا ما اتى حكم المحكمة الدستورية مخالفا لاهوائه وكان يراهن على قدرته على اغلاق الطرقات بطوفان من المتظاهرين وعلى شل اقتصاد البلد وتعطيل المرافق بالاعتصامات والاضرابات، وكان يظن ان الاتباع والاعوان رهن اشارته وعليهم التصدي للقضاء المسيس الذي لم يوافق تطلعاته وللسلطة التي لم تذعن لاوامره، كان يظن انه الاعلى متجاهلا ان الحق يعلو ولا يُعلى عليه وان الحكم عنوان الحقيقة الذي ما ان صدر حتى دب الرعب في نفسه، فلا جماهير خرجت ولا شوارع اغلقت ولا حياة عطلت، وهو ما يدل على ثقة الشارع الكويتي بقضائه الشامخ، واجلاله وتقديره لرجاله، والقبول والانصياع لاحكامه.
٭٭٭
من كان يقتات على نظام «التأشيرة» في انتخابات الاصوات الاربعة لن يجرؤ على خوض الانتخابات بنظام الصوت الواحد كونه يعلم جيدا انه لن يجلس على كرسي البرلمان مهما فعل، فنظام الصوت الواحد جاء ليعزز فرص الاكفأ والاقدر والاحق بتمثيل الامة، وليس لتعزيز التحالفات التي تفرض الاسوأ، لذلك لا يملك معظم من يبكي وينوح على هذا النظام القدر الكافي من الثقة في النفس لخوض الانتخابات بنظام الصوت الواحد، وهو ما يؤكد عدم اهليته لنيل ثقة الناخب الكويتي الكريم ويبرر ما يعيشه من حسرة وكمد على ما فقد في الاصوات الاربعة، لذلك يأتي الطعن في الصوت الواحد تحت العديد من الذرائع التي ليس من بينها ما يستحق الاهتمام.
< نقطة شديدة الوضوح:
النائب السابق الأخ محمد هايف رجل له الكثير من المواقف التي تستحق الاحترام، وما تصريحه بعد صدور حكم المحكمة الدستورية الا رسالة توجيه وارشاد لمن لا يدرك اهمية الحكم ويطلق التصريحات دون ان يكلف نفسه بالاطلاع على ما جاء في حيثياته «يجب التروي وعدم الاستعجال في التصريحات والتحليلات حتى يقرأ الحكم بتأن ويكتمل المشهد السياسي، فمصلحة الامة والحكمة تقضي مراعات ذلك».
مفرج البرجس الدوسري
maldosery@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق