ذعار الرشيدي: “معارضة” وعود كبريت مكسور

المعارضة الآن في وضع لا تحسد عليه، وشخصيا لا أتمنى أن أكون محلها، فخياراتها محدودة جدا، بل إنها لا تخرج عن خيارين لا ثالث لهما، إما أن تقبل بالمشاركة في الانتخابات القادمة، أو أن تقاطع وتراهن على الشارع مجددا.

القبول بالمشاركة أمر يجب أن تحسبه المعارضة بدقة، وليس هناك من بأس على المعارضة وخاصة ممن أعلنوا المقاطعة في العودة عن قرارهم، فقراراتهم ليست قرآنا منزلا، ولن يرتكبوا خطيئة إذا ما قرروا خوض الانتخابات القادمة، وهذه ليست دعوة لهم لخوض الانتخابات ولا تشجيعا لهم لكسر حواجز مقاطعتهم، فأعضاء المعارضة وبلا استثناء نجلهم ونحترمهم ونعلم أن من بينهم من يستطيع أن يفصل وحده 50 مجلسا من نوعية «مجلس ديسمبر».

ولكن، القضية هنا قضية قراءة واقع سياسي، وليست وصلة مديح بأحد ما، والواقع يقول ان الحكومة لو كانت تبيت النية السيئة للانفراد بالقرار، كما يدعون، أي أنها لو أرادت أن تنفرد بالقرار السياسي كاملا لمررت أي قانون تريد عبر المجلس الماضي، ويكفي أن تعرضه ويتبناه النواب الموالون لها ومن ثم ينشر في الجريدة الرسمية، ويصبح بعدها واقعا لا مفر لأحد عنه أو منه، ولكن الحكومة السياسية قررت أن تكون كلمة الفصل للسلطة القضائية، وليس عبر المجلس الموالي لها حتى النخاع، وهذه بادرة حسن نية سياسية واضحة، والمعارضة تعلم هذا جيدا.

أما إذا ما قررت المعارضة مقاطعة الانتخابات والرهان على حراك الشارع السياسي، فسيكون أمامها احتمالان، إما أن تدعو لمسيرات ومظاهرات واحتجاجات وهو أمر لا تملك مفاتيحه في الوقت الحالي، وهي تعلم هذا جيدا وتعيه وتدركه تماما، أو أن تكتفي بالندوات والاعتماد على شحن الشارع عبر الخطابات الرنانة ومحاولة «تدويل» القضية المحلية إعلاميا بغرض إحراج الحكومة.

ولكن عودة للقراءة الواقعية للمشهد السياسي، وبشكل أبعد، الآن ومن خلال الوضع الحالي وبعد حكم المحكمة الدستورية فإن أقطاب الصراع السياسي سيضطرون لإعادة حساباتهم، سواء من يدعم الموالاة أو يدعم «موالاته» أو من يتحالف مع المعارضة ويؤيدها، خاصة أن الأيام الأخيرة شهدت تغيرا في توجهات بعض أولئك الأقطاب، وهذا التغير سيؤثر حتما على بعض المنتمين للمعارضة، وسيغير إلى حد ملموس تحركات المعارضة اللاحقة.

نعم، وكما أن الحكومة ليست حرة بالمطلق في قراراتها، فالمعارضة في بعض أعضائها ليست حرة بالمطلق ومرهونة بحسابات سياسية تفرضها تحالفات بعض أعضائها مع بعض أقطاب الصراع السياسي هنا.

هل تعلمون ما مشكلتنا؟ ببساطة، هي أنه لا الحكومة حرة ولا المعارضة حرة، وحل أزماتنا هو تحرير الحكومة وتحرير المعارضة وبعده ستبدأ التنمية في بلدنا، وأي حديث غير هذا هو حديث أماني لا يبني مستشفى ولا يعبد طريقا ولا ينشر ديموقراطية حقيقية.

توضيح الواضح: التغيير الحكومي القادم ستبلغ نسبته أكثر من 60%، و«ميخالف قولوا عني ما أعرف»، ولكن هناك ما لا يقل عن 7 وزراء لن ترونهم مجددا بعد الانتخابات القادمة، طبعا ذلك في حال كان هناك انتخابات قادمة أصلا.

توضيح الأوضح: الانتخابات القادمة سيكون ختم المشاركة على «جبهة» المواطن بدلا من جنسيته، بصراحة ما بقى مكان في «الجنسية».
Waha2waha@hotmail.com

thaar29@
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.