علي خاجه: بصوت عال

هو مجرد تفكير بصوت عال أشارككمفيبه، وقد أكون مصيباً أو مخطئاً… لا أعلم، ولكني أقدم الفكرة لكم إما لتقويمها وإما لاعتناقها، بسم الله نبدأ.
أزالت المحكمة الدستورية بحكمها الأخير المخاوف المستحقة من التفرد بالقرار تحت عنوان الضرورة، فنظرت وقيّمت وحكمت بضرورة مرسوم وعدم ضرورة آخر، وهو ما يعني بشكل أوضح أن هاجس صدور مراسيم الضرورة في أي وقت وبأي اتجاه تلاشى، لأن المراسيم حسب حكم “الدستورية” خاضعة لرقابتها وفحصها وتقييمها، تلك حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل.
وكذلك حصنت المحكمة الدستورية نظام “الصوت الواحد” للناخب، وهو النظام السيئ جداً باعتقادي لأنه يعزز الطائفية والقبلية بشكل أكبر مما كان الوضع عليه في “الأصوات الأربعة”، فإن كان الناخب يصوت على أساس قبلي أو طائفي، وهو يملك أربعة أصوات فإنه سيتطرف أكثر بصوت واحد ولن يعتدل، والصوت الواحد يعزز الفردية في وقت تسعى فيه الديمقراطيات إلى تعزيز جماعية العمل، عموماً فإن تحصين نظام الصوت الواحد أيضاً بات حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل.
طيب، كيف نتعاطى مع هذا الوضع؟ نظام انتخابي سيئ قائم ومحصن وحكومات متعاقبة لا ترقى إلى مستوى إدارة دولة بل تنتهز الفرص لزرع الفساد، البعض يدعو إلى المقاطعة لمبررات تكون أحياناً مفهومة شعارها لا جدوى من المشاركة ما دامت مساعي الإصلاح تصطدم بمراسيم ضرورة في أي حين، وهو أمر وإن كنت أتفهمه إلا لأنني أعتقد أن المحكمة الدستورية قدمت ضماناً لنا بأنها أعلى من مراسيم الضرورة كما ذكرت آنفا، كما أن المقاطعة دون هدف وبرنامج واضح قابل للتطبيق (وهي الحال اليوم) لن يحقق أي شيء يذكر على الإطلاق، خصوصاً أن مجاميع المقاطعة لمجلس ديسمبر لم تكن لهم هوية أو رؤية لتنفيذ خطوات الإصلاح إلا من رحم ربي، وهو مؤشر على حال المقاطعة في المستقبل إن لم يكن أسوأ.
البعض الآخر وأنا أميل إليه يعتقد أن المشاركة في العملية الانتخابية ومحاولة تقديم سلسلة إصلاحات هو الخيار الأفضل، نعم النظام الانتخابي القائم سيئ، بل قد يكون الأسوأ ولكنها ليست المرة الأولى التي نشارك بنظام انتخابي سيئ ونحقق الإصلاحات، ولنا في مجلس (71) المنعقد بعد تزوير (67) خير دليل، ولنا في مجالس الدوائر الـ(25) التي أصلحنا من خلالها النظام الانتخابي دليل آخر، وهو ما يعني أن فرص الإصلاح من الداخل وإن كانت ضئيلة إلا أنها أكبر من فرص الإصلاح بالمقاطعة دون برنامج أو منهج.
لقد وفرت لنا المحكمة الدستورية ضمانة كنا نتطلع إليها بعدم إطلاق يد مراسيم الضرورة، وهي خطوة عملاقة تضمن عدم استمرار المراسيم بالشكل الذي مورس قبل أشهر، وأثبتت انتخابات ديسمبر أنه بالإمكان وصول عدد كبير من الراغبين في الإصلاح إلى المجلس، ولم يتبقَ سوى الوصول إلى المجلس وإصلاح ما يمكن إصلاحه أفضل من المقاطعة دون منهج أو برنامج.
هل هناك حلول مثالية؟ لا أعتقد، لذلك لابد من التعاطي مع الوضع بمعرفة أي منها يحقق مكتسبات أكبر، كما أن مشكلة الكويت ليست في نظامها الانتخابي أبداً وإن كان جزء بسيط من المشكلة، بل مشكلتنا هيكل متكامل من الفساد لابد من إصلاحه بدلاً من الدوران في دائرة ضيقة عنوانها “أربعة أصوات” أو “صوت”.
مجدداً تلك فكرة أقولها بصوت عال… قد أكون مخطئاً أو مصيباً فيها.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.