بعيداً عن حكم المحكمة الدستورية وما جاء به من حيثيات وما تلاه من نقاش وبحث وتحليل وفي أحيان أخرى تنظير، ولأن الخوض أكثر في هذا الموضوع قد يصيب القارئ بالملل، قررت الكتابة عن موضوع آخر بعيدا عن أحداث مرسوم الصوت الواحد. فلقدت تابعت وبشدة ردود أفعال المواطنين والمقيمين على مقابلات اللواء عبدالفتاح العلي الوكيل المساعد لشؤون المرور بوزارة الداخلية، ولعلها تحتاج إلى وقفه حقيقية بعد أن أثارت لي شخصيا، على الأقل، علامات استفهام كثيرة.
أولا، لقد أشاد الجميع باللواء عبدالفتاح العلي وحرصه على تطبيق القانون وتشدده في إصلاح إدارة المرور التعيسة جدا، لكن الغريب في الموضوع أننا بدأنا نفرح وبشدة ونبتهج ونهلل عندما نجد مسؤولا يطبق القانون ويسعى لتنفيذه لأن ذلك أصبح هو الحالة الشاذة وفي ما عداه هو واقع الحال، فأضحى عبدالفتاح لدى البعض ظاهرة غريبة والباقي من قياديي الدولة سواء! فبدلا من البحث عن مسؤولي الدولة الذين تخاذلوا عن أداء واجبهم وفي تنفيذ ما تمليه عليهم مسؤولياتهم الوطنية، بدأنا نتحدث عمن يسعى لتطبيق القانون ليس لسبب سوى أنهم قلة وحصرهم أسهل بكثير من البحث عن المتقاعسين من القياديين. لذلك فإن إعادة تقييم قياديي الدولة بلا استثناء أضحى ضرورة، فهل الدولة بالفعل قادرة على ذلك لاستبدالهم بالأجدى لأنه لو خليت خربت، أم أنه لا يوجد شبيه لحالة عبدالفتاح في الكويت؟
ثانيا، أن كثيرا من المواطنين أصبحت ثقتهم مهزوزة بأجهزة الدولة وبات تطبيق القانون والالتزام به وبتنفيذه من وجهة نظر البعض بعيد المنال وأن ظاهرة عبدالفتاح العلي قد لا تصمد كثيرا أو تتمكن من الاستمرار في السباحة بعكس تيار تخبطات الحكومة ومؤسساتها المختلفة. فهل سيستمر اللواء في ما قام به؟ شخصيا أتمنى ذلك!
ثالثا، من الملاحظ ان إشادة الجميع بتلك الخطوات التي قامت بها إدارة المرور وتشجيعهم على الاستمرار والمضي في تطبيق القانون، يعطي انطباعا واضحا أن الشعب الكويتي يميل كثيرا ويرغب في الالتزام بالقوانين متى ما وجد البيئة التي تحافظ على هذه القوانين وهيبتها وتفرض تنفيذها. ولعل التجربة هي خير برهان ولو سعت الدولة لذلك فأنا متيقن بأننا سنجد الجميع ملتزما بكل القوانين، ولكن هل يرغب بالفعل قياديو الدولة بذلك؟
رابعا، لقد لاحظ الجميع أن سلوكيات الكثير من مستخدمي الطريق قد تغيرت تماما بعد تشديد تطبيق قانون المرور وما واكب الفترة السابقة من قرارات كثيرة لردع المستهترين، وأنا متيقن أن ذلك قد يساهم على المدى البعيد في التقليل من عدد الحوادث المرورية التي راح ضحيتها الآلاف ولم يكن لذلك أن يحدث لولا فقط التشديد في تنفيذ القانون، فهل تعي الدولة أهمية ذلك أم أنها تعتبر القوانين نصوص تخط دون أن تطبق؟
ختاما، أتمنى أن يستمر اللواء عبدالفتاح العلي في اكمال ما بدأ بالفعل بتنفيذه وألا يرضخ لأي ضغط أيا كان نوعه، وسنستمر بالإشادة بأي مسؤول يضع نصب عينيه خدمة الوطن والمواطن حتى نصل إلى ما نريد لكويت أفضل!
إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق