المواطن الكويتي الذي اقتنع بصحة مرسوم الضرورة المعدّل للفوضى الانتخابية التي كانت سائدة قبل صدوره والذي حدد حق الناخب بصوت واحد، هو لا شك أكثر وعيا ووطنية ممن يسمون بالنخبة السياسية وذوي الباع الطويل بالعمل السياسي والمحنكين الذين كانت لهم فوق الشنة رنة في العمل البرلماني ولهم فيه تاريخ مسطور، وحناجر ألهبت أفئدة السامعين!
ذلك المواطن البسيط النزيه البعيد عن دائرة العمل السياسي، أدرك بفطرته الوطنية العفيفة سلامة المرسوم وآمن بحق سمو الأمير في إدارة البلاد بما يحقق مصالحها وأدرك أن ثمة أطرا دستورية منظمة لمثل هذه الإجراءات المتعلقة بمراسيم الضرورة، وأن عليه أن يمارس حقه الانتخابي وفقا لها، وأن يدع الاجتهادات المتعلقة بمثل تلك المراسيم لأهل الاختصاص، هذا المواطن هو أكثر وعيا وإيمانا بالديموقراطية والدستور من أهل السياسة الذين شككوا بالمرسوم وراحوا يجتهدون بأنفسهم ضاربين عرض الحائط بالترتيبات الدستورية المنظمة للعمل السياسي فقاطعوا الانتخابات ترشيحا وتصويتا، ثم عادوا أو بعضهم للمشاركة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية والذي ثبّت صحة المرسوم.
لست بالتأكيد بصدد قرع رؤوس تلك النخبة التائبة والتي أدركت خطأها، ولكنني أريد من تلك النخبة تأكيد إيمانها بخطئها وتفوق المواطن الذي سار وفق الطرق المنظمة لهذا الشأن عليها وأنه أكثر حرصا على الديموقراطية منها، وبالتالي فإن هذا يقتضي منها أن ترفع سقف خطابها الانتخابي بتمجيد المواطن الذي سبقها إلى الفهم والإدراك والإيمان بالآليات الدستورية التي ضربت بها هذه النخبة عرض الحائط وراحت تفرض نفسها قيّما على المواطنين وعلى المؤسسات الدستورية وعلى إدارة البلاد.
وهذا يقتضي من كل مرشح ينوي خوض الانتخابات المقبلة أن يحسن مخاطبة المواطن الواعي فلا يدغدغ عواطفه بمعسول الكلام والوعود البراقة المتلألئة التي عفى عليها الزمن ثم غفا.
وعلى الذين مازالوا في غيهم يعمهون من المشككين بحكم المحكمة الدستورية، أن يلتزموا الصمت وألا يحاولوا توزيع شكوكهم على الأنقياء والأبرياء من المواطنين والتأثير على قناعاتهم ودعوتهم إلى مقاطعة الانتخابات والزعم بعدم دستوريتها، فهذا المواطن وبوعيه الفطري سيدرك أن هؤلاء المشككين مدسوسون ومدفوعون لتخريب العملية الديموقراطية في الكويت والتي يبدو أنها أزعجت سادة كثرا متربعين على عروشهم خارج البلاد!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق