انتخاباتنا طول عمرها نقد وتهجم على الحكومة. واتهام للسلطة بمعاداة الناس والتلاعب بالانتخابات أو بالفساد والتعدي على ما يسمى بالمال العام. هذا، طبيعيا، يجعل المواطن معصوما من الخطأ ويرفع المسؤولية وحتى اللوم عن المواطن، ويعفيه من اي ذنب أو حتى خطأ ارتكبه. فاذا كان الناس ملائكة في عين كل مرشحي الكويت، فمن اين يأتي الفساد وكيف هو مسيطر علينا حسب زعم المرشحين طوال هذه السنين من دون قدرة منا على وقفه أو الحد من انتشاره.!
اعتقد اننا طوال هذه السنين لدينا تشخيص خاطئ للوضع. واننا نعالج أو نتظاهر باننا نعالج الاخطاء. بينما الواقع والاستمرار المزري في الانحدار يؤكد اننا نغض النظر عن العيوب ونتساهل مع المشكلات. لسنا امينين مع انفسنا ولسنا صادقين في تعاملنا مع الواقع الذي نحاول أو بالاحرى ندعي تغييره. نحن باختصار مثل الخادم غير الامين الذي يدفع بـ «القمامة» تحت السجادة متظاهرا بانه نظف المكان.
مرشحونا، خصوصا الجماعات والمؤسسات «السياسية»، عليهم وحدهم وليس السلطة أو الحكومة، ايجاد الحلول. نعم عليهم وليس على غيرهم ايجاد الحلول. فهم من كفرنا وهم من نزع ثقتنا في السلطة طوال هذه السنين. وبما ان الامر كذلك فان المطلوب منهم وليس من غيرهم ايجاد الحلول ووضع البرامج وتحديد الاهداف. طبعا سوف يدعي الساسة وعباقرة هذه الجماعات انهم لا يملكون «السلطة» وليس لديهم القدرة على التنفيذ، وبالتالي من المفروض الا تلام أو تحمل مسؤولية اخطاء الغير وتقاعسه. ليس صحيحا على الاطلاق هذا الادعاء لان الجماعات السياسية واصحاب الحناجر المدوية لم يفعلوا طوال هذه السنوات غير نشر الادعاءات واطلاق الاشاعات وتعميم الاتهامات. بدلا من هذا من المفروض ان ينشروا الدراسات والبحوث، ويفصلوا البرامج ويحددوا الاهداف.
لكن معارضتنا مثل حكومتنا، أو سياسيينا مثل قادتنا. لا يملكون مواجهة الحلول. ويتهيبون من طرح المشكلات الحقيقية والاسباب الفعلية للتخلف الذي نعيش. هذه ليست حال الكويت فقط.. ولا واقع هذه الايام. بل ما يسمى بالعالم العربي كله يعيش حالة الضياع وعدم القدرة على التعرف على الطريق الحقيقي للتقدم والرقي. وذلك لأن احدا ببساطة غير قادر على مواجهة النفس ودحر التخلف الكامن في الذات.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق