طارق المطيري: أين شباب الحراك؟

لا أظن أن مراقبا للمشهد السياسي منذ السنة الماضية وما قبلها، ولما كان يحدث من حراك محموم مطالب بالإصلاح السياسي، يعتقد أو يتصور أن ذلك الحراك اختفى فجأة، عشرات بل مئات من الشباب وعدة مجاميع ونشطاء وتصريحات وبيانات لم تختف فجأة، وأستطيع تأكيد ذلك، لكن السؤال أين ذهبوا جميعا؟! لماذا لا نلمس لهم أثرا اليوم؟ هل اكتفوا بحل الحكومة والمجلس ثم فوز «الأغلبية» المعارضة في الانتخابات الماضية؟
لقد كان الشباب في الساحات يهتف بمطالب الإصلاح السياسي والحكومة المنتخبة بشكل واضح وصريح تضمنته جميع بياناتهم وتصريحاتهم ومقابلاتهم، ولم يهتفوا بأي مطالب أخرى مثل قوانين مكافحة الفساد أو التوظيف أو محفظة المشاريع الصغيرة، أو غيرها من قوانين لا نعلم على وجه الدقة كيف أصبحت هي أولويات «الأغلبية» النيابية!
بكل وضوح تلك المطالب التي نادى بها الشباب ونزل على أساسها إلى الشارع وتلقى هراوات رجال الشرطة التي لم ولن ينسوها، والتي في سبيلها تعرضوا للاعتقال التعسفي وتوجيه التهم المنظورة اليوم أمام المحاكم، لم تستجب لها الأغلبية حتى الآن بأكثر من تصريحات هنا وهناك، ولم تجد طريقها إلى جدول أعمال المجلس رغم أن «الأغلبية» البرلمانية تستحوذ على رئاسة المجلس ومكتب المجلس ولجنة الداخلية والدفاع واللجنة التشريعية، وهي بذلك تستطيع أن تجعل تلك المطالب المستحقة التي يطالب بها الشباب على جدول أعمال المجلس وجاهزة للإقرار بوجود «أغلبية» يقولون إنها 35 نائبا.
لقد تغاضى الشباب عن أن «الأغلبية» قدمت أولوياتهم التي لم يكن لها أي تواجد في ساحات الصفاة والإرادة والتغيير ولا في تظاهرات الشباب ولا في تصريحاتهم ولا بياناتهم، بل حتى النوّاب أنفسهم لم نسمع منهم أثناء الحراك تصريحات وشعارات تطالب بجامعة جابر مثلا أو قانون المشروعات الصغيرة أو صندوق الطالب، أو غيرها من قوانين ومشاريع قوانين أصبحت بعد وصول «المعارضة» أولويات للمجلس!
إن ذلك التغاضي عن مطالب الشباب في الإصلاح السياسي من قبل الأغلبية قابله الشباب المتحفز بصبر طويل يشكرون عليه بحق، وانتظار «ممل» لذلك التسابق النيابي نحو استجواب هنا وتصريح هناك ورد فعل على قضية مفتعلة وغيرها، فهل سيطول صبر الشباب أكثر من ذلك؟
بحسب متابعتي القريبة للساحة الشبابية، ومن خلال العلاقات المباشرة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أستطيع الجزم بأن الحراك الشبابي لم يكتف بالصبر والمتابعة والانتظار، بل يظهر بوضوح أن الشباب استطاع استغلال هذه الفترة أفضل استغلال للاستعداد لجولة مهمة من الحراك يرونها حاسمة مع جميع المكون السياسي المتباطئ، سواء من الأغلبية النيابية «المعارضة»أو من الحكومة.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.