ذعار الرشيدي: صيدلي الشريعة وطبيب القانون

يقول النائب الفاضل د.محمد الهطلاني في معرض دفاعه عن مساواة خريجي كلية الشريعة بخريجي كليات القانون إن ذلك ضرورة، خاصة أننا مقبلون على أسلمة القوانين وبحاجة إلى هؤلاء الشرعيين للاستفادة من خبراتهم.
وفي هذه النقطة بحر من النقاط للرد سأكتفي بأقربها وأكثرها وضوحا، مع تأكيدي على احترامي الشديد لخريجي كلية الشريعة، أولا وبديهيا ومن الآخر هم مجرد خريجين بلا خبرة حتى نستفيد من خبراتهم، ثانيا قضية أسلمة القوانين ما شأنها وشأن عمل خريج الشريعة في سلك القانون كمحققين مثلا، فمن هو معني أصلا بأسلمة القوانين، هم أعضاء مجلس الامة المشرعون وليس خريجي الشريعة، ثالثا الفرق بين خريج القانون وخريج الشريعة من حيث الدراسة والواقع العملي والتخصص هو تماما كالفرق بين الطبيب البشري والصيدلي، نعم كلاهما درس أساسيات التشريح البشري في جزئيات محددة، ولكن لم نسمع في يوم ان مستشفى الرازي سمح لصيدلي أن يجري عملية لمريض يعاني من كسر بسيط في الساق، ومن هذا المنطلق البسيط لا يجوز الترويج للدفع بمساواة خريجي القانون أو القانونيين بخريجي الشريعة.

القرار وكما هو واضح قرار سياسي، ومخطئ من يعتقد ان القانونيين يحسدون خريجي الشريعة، ولكن مبدأ رفض القانونيين لهذه المساواة هو الحفاظ على المتطلبات العملية والدراسية لمهنتهم سواء في مجال المحاماة أو التحقيق أو القضاء، وبالتالي حماية لطبيعة الأشياء، بل حماية لنا جميعا من الفوضى التي يمكن أن تحدث جراء اتخاذ قرارات مثل هذا القرار الذي هو ليس بأكثر من مجاملة سياسية كما هو واضح.

كما أنه لا يجوز ان يتحول خريج الشريعة إلى باحث قانوني لا يجوز أبدا أن يتحول الباحث القانوني إلى باحث شرعي معتمد وهي النقطة التي أثارها د.مرضي العياش الذي جمعه لقاء تلفزيوني مع النائب الهطلاني حول ذات القضية في برنامج «مسيان» على قناة عالم اليوم.

وأكبر دليل عملي وحي على أن مثل هذه المطالبة لا تستقيم، هو أن قانون المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أعضاء مجلس الأمة التقدم له استعانوا بأستاذ قانون وليس أستاذ شريعة، وتحديدا استعانوا بأستاذ القانون مرضي العياش الذي قدم لهم القانون كاملا مع مذكرته التفسيرية، ولكن قدم الأعضاء على القانون تعديلا بموجب نصيحة من باحث شرعي بالتفريق بين المسلم وغير المسلم في العقوبة، وإضافة «التفريق بين المسلم وغير المسلم» هي ما فتحت باب الذريعة الذي دخلت منه الحكومة لرد القانون لوجود شبهة دستورية بدعوى أنه يفرق بين المسلم وغير المسلم، فالتدخل القانوني جاء بالقانون كاملا مطابقا للدستور والقانون، ولكن التعديل الذي أضافه النواب جاء بناء على نصيحة شرعية من باحث شرعي هو ما أسقط القانون، والآن أعتقد أن هذا دليل حي وكاف وواف وواضح يدل على أن المساواة بين خريجي القانون وخريجي الشريعة أمر غير صحيح على الإطلاق.

توضيح الواضح: القرار مجاملة سياسية وهذه المجاملة مكلفة جدا، فأرجو من أي كتلة سياسية تريد ان تجامل قواعدها الانتخابية والا تكون مجاملتها على حساب البلد، «تبون تجاملون قواعدكم جاملوهم على حسابكم الشخصي، وليس على حساب البلد»، وللعلم سبب خسارة التيار الوطني السياسية الكبيرة التي مني بها في الانتخابات الأخيرة انه جامل على حساب البلد، وبعض المنتمين للتيارات الإسلامية يفعلون ذات الشيء، فابشروا أن مصيركم سيكون تماما كمصير التيار الوطني.

توضيح الأوضح: حلقة مسيان التي جمعت النائب الفاضل د.محمد الهطلاني وأستاذ القانون د.مرضي العياش حول قضية مساواة خريجي القانون بخريجي الشريعة، ورغم عمق الحلقة وتعقدها وتشابكها إلا أن مقدمي البرنامج مي محمود وعلي دشتي تمكنا من إدارتها بهدوء ممتع.

Waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.