ناصر العبدلي: حدس والشعبي

الخلاف بين الحركة الدستورية الإسلامية وكتلة العمل الشعبي، وفق كتلة الأغلبية، لم يعد من الممكن تخبئته، وما المناوشات بين بعض أعضاء الحركة والكتلة وربما المقربين منهم إلا مؤشراً على أن الخلافات بين الطرفين تتصاعد، حتى وإن حاول القائمون على التنظيمين التعتيم عليها واعتبارها الحد الأدنى من التعاطي بين التنظيمات.
الفجوة بين الطرفين -كما يبدو- تتسع يوما بعد يوم، وهما ينتميان إلى مدرستين تختلفان كليا، فالحركة الدستورية الإسلامية هي الذراع السياسية لحركة الأخوان المسلمين وهي تنظيم حقيقي لديه قيادة ومكتب سياسي وقاعدة واسعة، كما أن لديها القدرة وهذا أمر هام على التهدئة حين تريد وعلى التصعيد حين تريد دون أن يؤثر ذلك في وضعها الانتخابي.
كتلة العمل الشعبي تختلف اختلافا جذريا، فهي كتلة برلمانية وليست امتدادا لأي من التنظيمات السياسية العاملة على الساحة وكل محاولاتها بإنشاء تنظيم سياسي باءت بالفشل وآخرها «حشد»، ويبدو أنها استعاضت عن كل ذلك بمجموعة من المتعاطفين استنادا إلى «كارزمية» النائب مسلم البراك وتبنيه قضايا شعبوية، والفرق بينها وبين الحركة الدستورية أنها لا تستطيع التهدئة حتى لو أرادت ذلك لأنها ستخسر قاعدة كبيرة من المتعاطفين معها.
إذن من المستحيل أن يكون هناك تعاون بين طرفين أحدهما يؤمن بالعمل المؤسسي القائم على المداولات ضمن قوام سياسي نشط له امتدادات في كل مناطق البلاد، وبين آخر قراره بيد عدد محدود من نوابه أي عكس ما يجري في الحركة الدستورية الإسلامية، وربما لهذا السبب لم يتمكن الطرفان من إخفاء تلك الخلافات المحورية بينهما.
لا ننسى أن الحركة الدستورية الإسلامية لديها الكثير من النواب المقربين وقد دعمتهم في الانتخابات الماضية وإن كانوا ليسوا مسجلين على قوائمها، وبعضهم كان جزءا من حراكها الطلابي، وهؤلاء ينتمون إلى نفس المدرسة الفكرية وإن كانوا غير منتمين، ويجب وضعهم في الحسبان دائما عند اتخاذ أية خطوات سواء على صعيد العلاقة بين الحكومة أو فيما بين الكتل والتنظيمات السياسية.
الحركة الدستورية والمتعاطفون معها أحسوا أن هناك تصعيدا كما يرونه غير مبرر ومحاولة لجر الأغلبية إلى معارك على حساب المسار الصحيح الذي يجب أن تسير فيه السلطتان، وربما تكون تلك الخطوة خدمة -دون أن يعرف المتبنون لها- لأطراف تريد أن يتعثر هذا المجلس بالذات حتى يقنعوا المعنيين بالتخلص منه والعودة إلى المربع الأول.
إذا حدث هذا فإنه خسارة كبيرة للحراك الشبابي الذي قام بدوره على أكمل وجه في إسقاط مشروع الفساد السابق، وفرصة لرموز ذلك المشروع من أجل العودة مرة أخرى إلى الواجهة السياسية والبرلمانية، مما يعني أننا سنعود إلى نفس الأجواء السابقة وبالتبعية سيتعطل مشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي كان جميع المخلصين يعملون على تجسيده طوال السنوات الماضية.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.