دعوت (والشايب) بو أحمد الجالس بجانبي بالسيارة ان يستجيب المولى سبحانه لدعائنا بان يحفظ شبابنا من طلبة الجامعات البحرينية من خطر الحوادث على الطريق الممتد من الحددود الكويتية الى مملكة البحرين لان مانعيشه من رعب وخوف أثناء قيادتنا للسيارة في هذا الطريق الذي يمتد لأكثر من (300) كيلومتر يجعلنا نتوقع الحوادث في أي لحظة. إنها مأساة يعيشها هؤلاء الطلبة، اذ يستلزم الأمر مغادرة الكويت يوم الخميس (كالعادة) لحضور المحاضرات والعودة مساء السبت، في تلك الأثناء – ان صادفتهم- ستعرف مدى ما نعانيه من الخوف على أرواح هؤلاء الشباب لقد اتخذوا هذا الطريق مضمارا أو حلبة للسباق بينهم دون مراعاة لحظر الطريق ولا حتى لظروف الزمان (ليلا- نهارا).. وقد وقع المحظور وأصيب من أصيب وجرح من جرح وتوفي من توفي ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم.. انهم فتية أجبرتهم الظروف على الالتحاق بالجامعات البحرينية الخاصة والتي نكن لها الشكر والامتنان العظيم على تسهيل أمورهم لان (الديرة) ما فيها جامعات لأمثالهم بسبب التخطيط الاستراتيجي الذي أجبرهم ان يدفعوا ثمنا باهظا لتحقيق طموحاتهم الدراسية.. بعدنا عن التفكير بهذه القضايا وانشغلنا بالذى لا يغني ولا يسمن من جوع.. ان أولئك الطلبة لا يقع عليهم اللوم بقدر مايقع على أصحاب القرار الذين يدفعون بهم (قربانا)، لتطوير وتنفيذ ما يسعون هم اليه، انعكاس طبيعي لما يعيشه أبناؤنا الطلبة، انها حالة من الاحباط والانكسار ينثرونها على الاسفلت وعلى جنبات هذا الطريق الذي أهلته حكومة خادم الحرمين الشريفين مشكورة لا ليفرق طلبتنا شحنات طاقاتهم المزيفة انما لتسير عليه عجلة النمو فاتخذه أبناؤنا حلبة للموت.. أعود الى الشايب الجالس بجانبي في السيارة وشعرت انه يرتجف خوفا.. يقول وهو واضع يديه على جبهته حاجباً أشعة الشمس المسلطة على ناظريه، شوف جدامك هناك بعيد يبدو انه حادث (الله يستر).. (تفز) قلوبنا خوفا وتتسابق نظراتنا الى ذاك المنظر المخيف هلعاً انها مجموعة سيارات وتجمهر شبابي بجانبه سيارة اسعاف وقليل من سيارات الشرطة ما ان اقتربنا وألسنتنا رطبة من الدعاء من ألا يكون هذا الحادث لأحد أبنائنا الطلبة ولكن سرعان مايصدق الظن، كيف لا وبعضهم تخطانا بسرعة الريح يسابق كعادته المجهول.. لاتملك قلوبنا القدرة والصبر للوقوف، فبشاعة المنظر، وكآبة الأوجه المتفرجة، وسيطرة الوجوم والترقب، كفيلة بأن تبعدنا عن موقع الحادث.. حينها لانملك الا الدعاء وان يحفظنا المولى والآخرين من شرور أنفسنا. انها لحظات يجني بها أبناؤنا الطلبة ما بذرناه من تخطيط متخم (بالتخبط)، أكثر من (2000) طالب وطالبة تقريبا يدرسون بالبحرين وحدها خلاف الدول الأخرى هكذا أراد المخططون لاستراتيجيتنا ان نكون، وهكذا وجدنا أبناءنا من الطلبة كيف يفسرون لنا مشاعر الاحباط والفشل الذي ينهلون منه، بعد ان عاشوا أوضاعا مأساوية وجدوا أنفسهم في مهب القرارات ومراحل تنفيذ استراتيجية الحلم الكبير لكويتنا. اليوم يضعون مصائرهم بأيدي نوابهم الذين وعدوهم بتحقيق أحلامهم التي سرعان ما انقلبت الى أوهام واهية فانشغل الجميع وضاع الهدف الاسمى الذي ينشدوه لنا.. لايبدو في الأفق القريب ولاحتى البعيد ان تحتفظ الديرة بشبابها الناشد الراقي الساعي لرفعة شأن بلده ويوفر أصحاب القرار لهم الجامعات والمعاهد العليا التي تجمع شتاتهم المبعثر في أقاصي شرق آسيا وآخرون موزعون في بلدان كثيرة.. لا اعلم كغيري ماهي الرؤيا لمعالجة هذه الكارثة. كما انني اطلعت وتعايشت احدى مشاكل طلابنا في الخارج المتمثلة في هذا الطريق ولا اعلم ماهي مشاكل طلبتنا الآخرين في الدول الأخرى، يكفي ان هناك قاسما مشتركا بينهم وهو معاناة أسرهم من مرارة الانتظار (ومحاتاة الأب وألام) يبقى التساؤل.. الى متى تظل ثرواتنا مهدرة على الاسفلت؟ والمجهول من الأمور قد يكون أعظم.
ناصر العمار
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق