لافت للنظر تصريح أو «تحذير» الشيخ محمد صباح السالم وزير الخارجية السابق حول الاحزاب في الكويت والمنطقة بشكل عام. ويلفت النظر اكثر منه نشر وكالة الاخبار الرسمية الكويتية (كونا) للتصريح او التحذير. رغم ان الشيخ محمد لم يعد يملك اي صفة رسمية، والمؤتمر والموضوع اللذان صرح بخصوصهما لم يكونا شأنا رسميا لدولة الكويت التابعة لها الوكالة. المهم الشيخ محمد حذر من «نشوء أحزاب سياسية تنظر الى نفسها من منطلق فكري أو عرقي أو ديني وليست مرتبطة ببلد أو محصورة في حدود جغرافية»، يعني لو محذر من «الاخوان المسلمين» بشكل مباشر لكان وفّر على نفسه وعلينا الجهد. فالاخوان المسلمون هم الحزب او التنظيم الوحيد الفاعل دولياً والمبني على الدين.
تصريح، او بالاحرى تحذير، الشيخ محمد إن أُخذ على حدة ليس مثيرا وقد لا يعني الكثير. لكن ان يأتي بعد اشارات وتلميحات مدير شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان ضد الاخوان المسلمين، ثم الاتهام لهم بمحاولة زعزعة الاوضاع في الامارات، واخيرا هذه الهجمة الرسمية والشعبية عليهم بسبب احداث مصر، كل هذا يدعو الى التساؤل عما اذا كانت انظمة الخليج العربي تمهد للتخلص النهائي من الاخوان..!!
قبيل سنوات نشرت الزميلة «السياسة» حديثا مطولا لوزير الداخلية السعودي آنذاك الامير نايف شن فيه حملة ضخمة ضد الاخوان المسلمين، متهما اياهم باكبر التهم وواصفا اياهم باقذع الاوصاف. كان اتهاما وحيدا وقتها، ولكنه كان حادا وقويا ايضا. اليوم اعتقد انه كان مقدمة لما يحدث الان، واظن ما يحدث الان توطئة لتصفية جميع الحركات او المنظمات الدينية التي لم تعد جزءا من انظمة الخليج او افرازا مباشرا لجهود «اهل الخير» من مستخرجي الدولار النفطي.
اسهامات الاخوان الرئيسية في ما يسمى بــ «الربيع العربي» ثم تحركهم الواضح في الكويت والمزعوم في الامارات يعطي مبررا لانظمة المنطقة بالتوجس منهم، كما قد يفسر مشروعية وامكانية انقلابها عليهم. لقد احتضن «اهل الخير» في الخليج النفطي المجاميع الدينية، وبالذات الاخوان المسلمين الذين فرخوا الانظمة الجهادية الحالية. لكن حرب تحرير الكويت وبداية عقوق الاخوان واخيرا شقهم عصا الطاعة الاخير عن انظمة الخليج قد يعني بأن هذه الحركات الجهادية قد اصبحت خطرا على من انشأها. لهذا فان تحذير الشيخ محمد الصباح، رغم انه يبقى في منظوره الصحيح والواضح رأيا فرديا، فانه في ظل المعطيات الحالية قد يعطينا الحق في فهمه على «حقيقته» التي تصورناها. واذا ما اخذنا بعين الاعتبار الدعم اللامحدود الذي تحرص اغلب انظمة الخليج على توفيره حاليا لتنظيم «النصرة» السلفي كخلف لتنظيم القاعدة «الاخونجي الاصل» او النصرة سليل تعليمات محمد عبدالوهاب مقابل القاعدة وليد تنظيرات سيد قطب فاننا قد لا نكون ذهبنا بعيدا في الظن.
• • •
مع هذه الهجمة التي يتعرض لها الاخوان، وربما بقية التنظيمات الشعبية الدينية والسياسية في المنطقة، يحرض النائب الاسلامي السابق وعضو «حدس» اسامة الشاهين اجهزة الامن الكويتية بضرورة التحقق من اتهامات ياسر الحبيب بوجود كويتيين منتمين لمنظمة حزب الله الاجرامية – حسب وصفه -. انا بالطبع ضد حركة الاخوان التي ينتمي لها السيد اسامة وضد حزب الله ايضا. لكنني مع حق كل من لم يتعد على القانون بعد، في ان يكون له رأي. لهذا يحق لي ان اسأل الاخ اسامة: أي ثور انت، الابيض الذي اكل بالامس ام الاسود الذي سيؤكل غدا؟!!
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق