المحمد: التحقيق في التحويلات لم تستوعب الأسباب الدستورية التي تضمنها كتاب اعتذاري

أرسل رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد إلى رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون كتاباً يطلب منه الرجوع إلى اعتذاره عن عدم الحضور أمام لجنة التحقيق في التحويلات المالية في 13 مايو الماضي، وذلك رداً على تجديد دعوته للحضور أمام اللجنة أمس، مبيناً أن اللجنة لم تكن على بصر وبصيرة بالأسباب الدستورية والقانونية التي تضمنها كتابه السابق.

وقال المحمد إن قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء يبين أن التحويلات التي تقوم بها دولة الكويت تنقسم إلى نوعين، أولهما تحويلات خارجية لجهات دولية معلومة للمساعدات والمساهمات الإنسانية أو تسديداً لالتزامات دولية تصدر بقرارات من مجلس الوزراء، والآخر تحويلات لجهات دولية أو مسؤولين من ذوي النفوذ على المستوى الدولي، فلا يعلن عنها، ويحيطها سياج وإجراءات شديدة من السرية حفاظاً على الغرض منها وعلى سرية المستفيدين منها، لتعلقها بالسياسة الأمنية والأمن القومي للبلاد والاعتبارات السياسية، وهذه لا يجوز الكشف عنها، بل ينفرد بها مصدر القرار السياسي في الكويت، سواء كان الديوان الأميري أو رئيس مجلس الوزراء.

وأضاف أن لجنة التحقيق بمجلس الأمة نصبت من نفسها لجنة قضائية، مخالفة بذلك المادة (114) من الدستور، وأن الخصومة السياسية مع رئيس اللجنة فيصل المسلم ثابتة من واقع أربعة استجوابات قدمها له خلال رئاسة المحمد للوزارة، مبيناً أن “حكماً جزائياً نهائياً صدر بإدانة المسلم جزائياً لإفشائه معلومات مصرفية تتعلق بسرية حساباتنا في بنك برقان، مما يفقد لجنة التحقيق بمجلس الأمة، موضوعيتها”. وخلص إلى أنه بناء على ما تقدم “فإننا نعتذر عن عدم الحضور امام لجنة التحقيق بمجلس الأمة، استنادا للأسباب الواردة في خطابنا المؤرخ 2012/5/13″ وكذلك الأسباب المبينة في هذا الكتاب، وفي ما يلي نص كتاب المحمد إلى رئيس مجلس الأمة:

إشارة الى كتابكم المؤرخ 2012/5/17 في شأن طلب لجنة التحقيق في التحويلات المالية، تجديد دعوتنا لحضور اجتماعها المقرر عقده يوم السبت الموافق 2012/6/9 الساعة الخامسة مساء للإدلاء بمعلوماتنا للجنة.

وإلحاقا لكتابنا المؤرخ 2012/5/13 في شأن اعتذارنا عن عدم الحضور امام اللجنة لأسباب دستورية وقانونية، بعد صدور قرار قضائي قاطع بحفظ الأوراق نهائيا لعدم وجود جريمة في اجراء هذه التحويلات.

وامام اصرار لجنة التحقيق بمجلس الأمة، على حضورنا في الموعد المشار اليه، نود الإفادة بأن لجنة التحقيق بمجلس الأمة، لم تكن على بصر وبصيرة بالأسباب الدستورية والقانونية التي تضمنها كتابنا المؤرخ 2012/5/13 بالاعتذار عن عدم الحضور، والذي نحيل اليه منعا للتكرار، ونضيف الى الأسباب المبداة بكتابنا آنف الإشارة، اربعة امور جوهرية (يكفي واحد منها) لوقف سلسلة الدعوة لحضورنا في اي موعد تحدده اللجنة مستقبلا، وهي:

الأمر الأول

ان لجنة التحقيق بمجلس الأمة، خولت نفسها حقا بجمع الاستدلالات، والجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق الجنائي، وعلى النحو المنصوص عليه في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 1960/17، وخولت نفسها كذلك سلطات التحقيق المنصوص عليها في المادتين (3، 4) من قانون محاكمة الوزراء رقم 1995/88، بعد ان ذهبت الى القول – حسبما جاء في كتابكم المشار اليه – ان صدور قرار بحفظ الأوراق لعدم وجود جريمة – في موضوع التحويلات المالية – لا يحول دون فتح التحقيق اذا ظهرت ادلة جديدة تستوجب ذلك، دون ان تدرك اللجنة، ان النص في قرار حفظ الاوراق نهائيا لعدم وجود جريمة، كما ورد في منطوق قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء الصادر بتاريخ 2012/5/10، هو قرار قضائي نهائي وبات وقاطع، يغلق الباب امام اعادة تقديم بلاغ جديد، فهو بمثابة حكم قضائي يحوز الحجية الكاملة امام جميع سلطات الدولة، بما فيها مجلس الامة الموقر، فلا يجوز اعادة مناقشة اسبابه، او الطعن فيه، او التظلم منه، من اي جهة حكومية او غير حكومية، لصدوره من الجهة القضائية التي حددها الدستور في المادة (132)، حيث نصت هذه المادة على ان “يحدد قانون خاص الجرائم التي تقع من الوزراء في تأدية اعمال وظائفهم ويبين اجراءات اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة…”، بما لا يجوز معه القول قانونا بان قرار الحفظ لعدم وجود جريمة لا يحول دون فتح تحقيق اذا ظهرت ادلة جديدة، كما ورد في كتابكم المشار اليه.

ودرءا للاطالة في اعادة بيان الأسباب الدستورية والقانونية، التي تمنع من فتح تحقيق جديد اذا ظهرت ادلة جديدة، على خلاف النظر الذي يسود عمل لجنة التحقيق بمجلس الامة، فاننا نحيل – للمرة الثانية – الى الاسباب الواردة في حكم محكمة التمييز في الطعن رقم 2008/492 جزائي بتاريخ 2009/2/17 بهيئة غرفة المشورة، الذي قضى بان قرارات لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء هي قرارات باتة وقاطعة وتمنع من اعادة النظر فيها للاسباب الواردة في هذا الحكم، ونرفق صورة من الحكم المشار اليه، حتى ينحسم الجدل حول اعادة فتح التحقيق بدعوى ظهور ادلة جديدة.

الأمر الثاني

ان الوقائع – التي تتولاها لجنة التحقيق بمجلس الأمة – أضحت بعد صدور قرار قضائي بات وقاطع، من لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء بتاريخ 2012/5/10، تتسامى عن اي جدل سياسي او جدل قانوني، او جدل قضائي، وتخرج عن الرقابة القضائية والرقابة السياسية، حيث ثبت من قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء – وعلى وجه الخصوص في صفحة (27) وصفحة (28) ان التحويلات التي تقوم بها دولة الكويت تنقسم الى نوعين، الاول منها تحويلات خارجية لجهات دولية معلومة للمساعدات والمساهمات الانسانية او تسديدا لالتزامات دولية تصدر بقرارات من مجلس الوزراء، والثاني منها، التحويلات الى جهات دولية او مسؤولين من ذوي النفوذ على المستوى الدولي، فلا يعلن عنها بقرارات مجلس الوزراء او بقرارات من الديوان الأميري، ويحيطها سياج واجراءات شديدة من السرية حفاظا على الغرض منها وعلى سرية المستفيدين منها لتعلقها بالسياسة الامنية والامن القومي للبلاد والاعتبارات السياسية، وتندرج في وسائل الاتصالات المحدودة، بما لا يجوز الكشف عنها، وينفرد بها مصدر القرار السياسي في الكويت، سواء كان من الديوان الأميري او من رئيس مجلس الوزراء، وينفرد بتنفيذها في الخارج سفير دولة الكويت في الدولة المحول اليها على النحو الذي شهد به وكيل وزارة الخارجية والسفراء الذين استمعت اليهم اللجنة، وان هذا الانفاق يدخل في الموضوعات السيادية، ويتعلق بالمصاريف السرية التي سبق اقرارها في الميزانية العامة للدولة، مما يقتضي التكتم والسرية لاعتبارات دولية تقدرها السياسة العليا القائمة على ادارة شؤون البلاد، لما يترتب على افشائها او البوح بها وتداولها الإضرار بالامن القومي للبلاد، وهذه التحويلات تخرج عن مجال الرقابة السياسية احتراما لقضاء المحكمة الدستورية في قرارها القضائي التفسيري رقم 1994/3 (تفسير دستوري) بجلسة 2005/4/11 الذي قضى في البند الخامس من منطوقه بانه “لا يجوز من شأن السؤال النيابي التدخل فيما يتصل بأعمال السلطة التنفيذية في تصريف شؤون سياسة الدولة الخارجية او التدخل في شؤون السلطة القضائية”.

الأمر الثالث

ان لجنة التحقيق بمجلس الأمة نصبت من نفسها لجنة قضائية، بالمخالفة الواضحة لصريح نص المادة (114) من الدستور، فانحرفت عن المسار الذي يتعين ان يقوم عليه التحقيق السياسي، فقد ثبت من محاضر جلسات لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء – على النحو المسجل في قرار هذه اللجنة بتاريخ 2012/5/10 – ان السيد مسلم محمد البراك عضو مجلس الامة، وجه اتهاما الينا، بمحضر جلسة 2012/4/9، بصريح عباراته، بان الغرض من التحويلات المالية هو الاستيلاء على المال العام، ثم اصر على الاتهام بمحضر جلسة 2012/4/29، بقوله “ان هذه التحويلات تشكل جريمة الاستيلاء على المال العام”، واضاف بقوله “انه في حالة سداد مبالغ التحويلات فقد تصبح وسيلة لتبييض الأموال”، ومثل هذا الاتهام يخرج تحقيقه عن اختصاص لجنة التحقيق بمجلس الأمة، عملا بأحكام المادة (114) من الدستور الكويتي.

كما ثبت من ذات المحاضر ومن مدونات قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء، ان السيد فيصل المسلم عضو مجلس الأمة ورئيس لجنة التحقيق البرلمانية، وجه اتهاما كذلك الينا بمحضر جلسة 2012/4/24، بقوله ان “هذه التحويلات تثير شبهات، سواء بالتعدي او تبديد المال العام”.

وأمام توجيه هذه الاتهامات الجنائية، فإن لجنة التحقيق البرلمانية تكون قد باشرت سلطتي التحقيق والاتهام الجنائي المحظور دستورياً أن تباشره أية جهة خارج أحكام القانون رقم 88/ 1995 في شأن محاكمة الوزراء.

يضاف إلى ما تقدم، أن السيد/ فيصل المسلم، أصبح رئيساً للجنة التحقيق بمجلس الأمة، رغم أنه كان خصما سياسياً لنا من خلال تقديمه أربعة استجوابات، خلال فترة رئاستنا للوزارة من 7/2/2006 حتى 28/11/2011، أولها قدمه السيد عضو مجلس الأمة المذكور هو والسيد/ أحمد عبدالعزيز السعدون بتاريخ 17/5/2006، والثاني قدمه بتاريخ 1/3/2009، والثالث قدمه بتاريخ 15/11/2009، والرابع قدمه بتاريخ 15/11/2011 هو والسيد/ مسلم محمد البراك.

فالخصومة السياسية مع السيد/ رئيس لجنة التحقيق بمجلس الأمة ثابتة من الاستجوابات المقدمة منه، مما لا يجوز معه أن يتبوأ رئاسة أية لجنة تتولى تحقيق ذات الوقائع التي تتولاها الجهة القضائية المختصة وفق أحكام الدستور والقانون، وأغلقت الباب نهائيا أمام أية جهة أخرى في الدولة، بقصد البحث عن أدلة جديدة في ذات المجال الجنائي.

ولم يقف انحراف لجنة التحقيق بمجلس الامة عن مسار التحقيق البرلماني وفق نص المادة “114″ من الدستور عند حد تقديم السيد/ فيصل المسلم رئيس لجنة التحقيق أربعة استجوابات، بل تجاوز الانحراف من الخصومة السياسية إلى الخصومة الجنائية، حيث أصدرت المحكمة الجزائية المختصة حكما بتاريخ 30/3/2011 بإدانته جزائيا بتغريمه مبلغ مائتي دينار كويتي وبإلزامه بتعويض مؤقت قدره 5001 دينار كويتي، بعد أن نسبت إليه النيابة العامة أنه بتاريخ 11/6/2008 اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر في جريمة ارتكاب إفشاء معلومات مصرفية تتعلق بشؤون بنك برقان وبشؤوننا الخاصة في غير الاحوال المصرح بها، وقد تأيد حكم المحكمة الجزائية، استئنافيا، على النحو المنشور في الصحف الكويتية، وليس في استطاعة السيد/ فيصل المسلم رئيس اللجنة، أن يجحد هذه الحقيقة القضائية، حيث لم يصدر منه تصريح على خلاف هذا النشر، بل إن جميع تصريحاته أكدت هذه الحقيقة القضائية، وجميع هذه الحقائق تقطع بخروج لجنة التحقيق بمجلس الأمة عن الأغراض التي يجب أن تقوم عليها وفقاً لأحكام المادة “114″ من الدستور، وبخروجها عن المسار الدستوري الذي يتعين الالتزام به عند تشكيل لجنة التحقيق.

الأمر الرابع

وتأكيدا لانحراف لجنة التحقيق بمجلس الأمة، عن مسار الغرض من انشائها وفق أحكام المادة “114″ من الدستور، أن مبررات اقتراح تشكيل وتأليف هذه اللجنة، الذي قدمه بعض السادة أعضاء مجلس الأمة الموقر بتاريخ 28/2/2012 قامت ـ بصريح التعبير وبصريح الأسباب المثبتة في الاقتراح ـ على أن التحويلات المالية ـ محل التحقيق أمام لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء ـ تقوم على جرائم التعدي على المال العام بقصد الاستيلاء عليه، وهذا الاقتراح تم تقديمه بعد أن اتصلت لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء بوقائع ذات التحويلات محل التحقيق بتاريخ 19/2/2012، مما لا يجوز معه للجنة التحقيق بمجلس الأمة دستوريا، أن تبدأ في تحقيق جرائم المال العام، وإذا كانت قد بدأت فعلا، فيجب عليها أن توقف اجراءات التحقيق ريثما تنتهي لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء، من الفصل في هذه الوقائع من الناحية الجنائية، على النحو المقرر في دساتير دول العالم.

فالثابت مما تقدم جميعه، أن مبررات تأليف لجنة التحقيق بمجلس الأمة، والثابت كذلك من إقرارات السيد/ مسلم محمد البراك، والسيد/ فيصل المسلم ـ عضوي مجلس الأمة ـ أمام لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء، أن هذه الاقرارات قامت على اتهامنا بارتكاب وقائع مؤثمة جزائيا، على خلال الحقيقة والواقع والقانون وفقا لمدونات قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء الصادر بتاريخ 10/5/2012 بعدم وجود جريمة.

والثابت كذلك فوق ما تقدم، ان رئيس اللجنة السيد فيصل المسلم، صدر حكم جزائي نهائي بإدانته جزائيا لافشائه معلومات مصرفية تتعلق بسرية حساباتنا في بنك برقان، مما يفقد لجنة التحقيق بمجلس الأمة، موضوعيتها، ويفقد رئيسها الحياد الواجب توافره، بعد أن ثبتت الخصومة السياسية بيننا وبين رئيس اللجنة، فضلا عن الخصومة الجنائية.

وأمام صدور قرار قضائي قاطع بتاريخ 10/5/2012 من الجهة القضائية المختصة وفق احكام القانون رقم 1995/88 سالف الإشارة بحفظ الأوراق نهائيا لعدم وجود جريمة في جميع الوقائع المعروضة على لجنة تحقيق مجلس الأمة، فإننا نعتذر عن عدم الحضور امام لجنة التحقيق بمجلس الأمة، استنادا للاسباب الواردة في خطابنا المؤرخ 2012/5/13، وكذلك الأسباب السابق بيانها في خطابنا هذا، التزاما بأحكام المادة (132) من الدستور وأحكام جميع نصوص قانون محاكمة الوزراء رقم 88/1995.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.