كعادة المؤسسات الحكومية في غيابها عما يدور في مؤسساتها، اكتشفت وزارة التربية قبل نهاية العام الدراسي بيومين فقط أن الطلبة يغشون في الاختبارات النهائية، واكتشفت أيضا أن ثمة ادارات مدرسية فاشلة وضعيفة، وان بعض المعلمين المؤتمنين على حاضر التعليم ومستقبل البلد هم غير أكفاء لهذه الأمانة الجليلة، وللأسف هذه الاكتشافات لم تأت من خلال تحري الوزارة على مرافقها، ولا عن طريق فرق التفتيش الميداني، ولا من خلال أدوات التقييم والقياس العلمية، ولكن جاءت صدفة من خلال عمل متهور من طلاب يغشون اثناء الاختبار، وقاموا بتصوير عملية الغش كاملة بسبب استهتارهم بمدرستهم وقوانين التربية المعطلة، فشاهد أهل الكويت جميعهم التسيب الحقيقي في التربية.
وزير التربية وفي ردة فعل سريعة اتخذ قرارات حادة، قد تكون موفقة وربما تكون خاطئة من خلال إحالة بعض القياديين الى التقاعد، وأتمنى أن تكون قراراته تلك جاءت بناء على تحقق فعلي من علاقة المقالين بالفوضى الواقعة، وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم حتى لا يقع ظلم على احد أو يؤخذ موظف بجريرة غيره.
بعد فضيحة الغش تسابقت الادارات المدرسية في التشديد على الطلبة في اختباراتهم وتفعيل المراقبة الجادة أثناء الاختبارات، ولم يكن القصد منع الغش أو حماية حق المجتهدين وتطبيق الأنظمة التربوية، وانما ردة فعل مؤقتة حتى تمر الواقعة الحالية، ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه.
ردات فعل وقرارات ارتجالية، تحكي حقيقة عمل وزارات الدولة – الا من رحم الله – يغيبون عن حاجة المجتمع ومصلحة الوطن ويقصرون في القيام بواجباتهم الوظيفية، لانهم وصلوا الى مناصبهم بغير استحقاق وكفاءة، أو لأنهم لاهون باعمالهم الخاصة تحت غطاء المنصب الحكومي، فاذا وقعت الكارثة تسابق المسؤولون لوضع الحلول الترقيعية والبحث عن كبش الفداء من اجل ضمان بقائهم في مناصبهم، وصرف الانظار عن مسؤوليتهم الحقيقية في تلك الكوارث.
نتمنى من وزارة التربية استغلال هذه الفرصة في التقييم الفعلي لمسارها ورسم خريطة طريق منهجية ومحترمة ترتقي بمستوى التعليم في الكويت، وهذا ممكن لو تمت الاستعانة بالمجتهدين من ابناء هذه الوزارة في مختلف قطاعاتها، وتفرغ بعض قيادييها لاعمالهم بدلا من انشغالهم بحضور احتفالات المدارس ومعارضها، وسنصدق ان «التربية» بخير اذا شاهدنا ابناء كبار مسؤوليها يدرسون في مدارسها لا في المدارس الخاصة.. وشكرا للمخلصين من المعلمين والنظار والقياديين في هذه الوزارة المرهقة.. والله الموفق.
وليد عبد الله الغانم
waleedalghanim.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق