صالح الغنام: الحكومة أقوى!

كان أمام الحكومة فرصة تاريخية لكسر شوكة المؤزمين, لو انها دفعت باتجاه حل المجلس السابق في صبيحة اليوم التالي لاقتحامه, وتركت للكويتيين أمر تأديب المقتحمين ومن آزرهم من نواب الخراب في صناديق الانتخاب. ولكن الحكومة تراخت, فسمحت بتراخيها للمؤزمين بأن يرتبوا أوراقهم ويعيدوا تزويق أنفسهم, فظهروا للعيان بصورة الأبطال, وقد كانوا قبل أيام مذمومين مدحورين. المهم, ما لنا والماضي نفتش فيه ونجتر آلامه ونندب فرصه الضائعة, فالحكومة اليوم, وإن بدت في طلتها الأولى ضعيفة ومستسلمة لنواب الأغلبية, إلا أن واقع الأمر, يؤكد بأنها الأقوى, وبأنها تمتلك معظم أوراق اللعبة, وقد أثبتت أخيرا, أنها قادرة على فرض إرادتها و”كسر خشم” نواب الأغلبية – إن هي شاءت – وأبلغ مثال, موقفها البطولي والشجاع في رفض ضم استجوابي الوزير الشمالي!
إذاً, الحكومة ضعيفة بمزاجها, ومسألة عدم تمتعها بأغلبية نيابية تساندها, لا يمكن الأخذ بتأثير هذه الحجة بالمطلق, فالأمر فيه نظر, ففي المجلس السابق – وحسب الظاهر – كانت الأغلبية النيابية تحت طوع الحكومة, ومع ذلك, فقوائم التصويت على القوانين وفي الاستجوابات, كانت تتمدد وتتقلص بحسب الظروف وتطورات الموقف والقضية, وهذا يعني عدم وجود أغلبية متماسكة وثابتة على رأي واحد طوال الوقت. من هنا, أرى أن الفرصة سانحة ومتاحة للحكومة – إن هي شاءت – لتفكيك الأغلبية التي تزعم انها تقف في طريقها, بوسائل وطرق عدة, فالحكومة ليست ملزمة بتقديم المزيد من التنازلات, وليس مطلوبا منها شراء خواطر 35 نائبا, إذ يكفيها – وهذا أقسى ما بيدها من أوراق – أن تلعب بأعصاب النواب عبر التلويح بالحل, ثم تجلس وتتفرج عليهم وهم ينقسمون على أنفسهم, ويضربون بعضهم بعضا!
استخدام هذه الورقة, حق دستوري خالص للحكومة, كما أن التلويح بالاستجواب حق دستوري خالص للنواب. وبالاطلاع على قائمة نواب الأغلبية, سنجد ان خمسة منهم فقط هم الذين قد لا يبالون بالحل, نظرا إلى ضمان عودتهم للمجلس, بينما الآخرون ستتبلل ثيابهم الداخلية متى رأوا جدية الحكومة في حل المجلس, خصوصا ان معظمهم مازالوا يسيرون في كنف النواب الخمسة, ولم يتمكنوا بعد من بروزة أسمائهم كنواب مهمين وعليهم القيمة.
الحكومة – وحسبما أرى – لم تقصر, فقد سايرت المؤزمين في كثير من الأمور, ومن اجلهم أدخلت ضمن تشكيلتها عددا من الوزراء للتضحية بهم, وليحققوا على ظهورهم انتصارات وهمية, وهذا أكثر من كاف, لذلك, وما دمنا علمنا يقينا بقوة الحكومة, فلن يكون مقبولا أبدا رضوخها, أو سماحها للمؤزمين بالتدخل في التركيبة الوزارية المرتقبة… يكفي كفى كاف, فانظروا إلى ما جرته عليكم التنازلات السابقة!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.