إبراهيم العوضي: التركة ثقيلة يا تميم

شهدنا الأسبوع الماضي نقلة نوعية ومثالا حيا وجديدا لآلية نقل السلطة في دول الخليج العربي وتحديدا في دولة قطر الشقيقة، ليتولى الأمير الشاب تميم بن حمد سدة القيادة، في دولة استطاعت في غضون سنوات محدودة من الانتقال من حال إلى حال آخر، فتمكنت بذلك أن تكسر تقاليد نقل السلطة المتبع في دول المنطقة المحيطة. إن ما حدث هو نموذج لانتقال سلس لم نشهده من قبل لقيادة شابة ذات أفكار وتوجهات تحاكي التطور والتقدم السريع الذي يشهده العالم وانعكس الأمر كذلك على تشكيل مجلس وزراء جديد بدماء شابة ورؤى مستقبلية طموحة رسمها خطاب الأمير الشاب.
لقد استطاعت قطر أن تتجاوز عثرة صغر الحجم وعائق التصنيف ضمن ما يسمى بدول العالم الثالث، لتلعب دورا مهما في رسم خريطة العالم كأحد صناع القرار وأصبحت عنصرا مهما في صنع السياسات الخارجية ضمن منظومة المجتمع الدولي وفي دعم الثورات العربية، ولم يكن لذلك أن يتحقق لولا عزيمة وإرادة ورغبة قيادتها السياسية الطموحة. فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننكر دور قطر في العديد من أحداث المنطقة وكيف أنها استطاعت بحكم علاقتها الدولية أن تكيف الأوضاع الإقليمية لصالح توجهاتها.
اقتصاديا، تمكنت قطر من زيادة إجمالي الناتج المحلي في غضون سبعة عشر عاما إلى أكثر من 23 ضعفا، واحتلت مركز الصدارة العالمية في متوسط دخل الفرد وتقدمت بشكل هائل في مؤشر التنافسية الدولية لتحتل المركز الأول بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكل ذلك بعد أن عانت كثيرا من العجز في موازنتها لسنوات عديدة. ولقد استطاعت قطر كذلك، أن تزيد من حجم القطاع الصناعي حتى أضحت من بين أكبر المنتجين في العالم في مجال صناعة البتروكيماويات والأسمدة الكيمياوية والحديد والصلب. كما لعب صندوق قطر السيادي دورا مهما في تنويع حجم استثمارات قطر العالمية لتشمل دولا عديدة واستطاع الصندوق بذلك أن يحتل وبفترة وجيزة المركز التاسع عالميا من حيث قيمة الاستثمارات.
كما تمكنت قطر من تطوير البنية التحتية في مجالات متعددة، فأنشأت المستشفيات الحديثة والمتطورة واستوعبت الجامعات الخاصة التي زاد عددها على 8 جامعات من أرقى وأفضل الجامعات العالمية وأطلقت مشاريع عقارية ضخمة كمشروع مدينة لوسيل واللؤلؤة وتطوير منطقة مثيرب. إضافة إلى ذلك، فقد استطاع سوق الأوراق المالية القطري من الحصول على الاعتراف الدولي كأحد الأسواق الناشئة، كما أن قطر تملك عددا من الشركات التي احتلت مراكز عالمية متقدمة من حيث حجم الاستثمار والقيمة السوقية كشركة كيوتل وشركة الديار القطرية.
ولا ننسى كذلك، حجم التطور الهائل الذي حدث للخطوط الجوية القطرية ومن تمكن قطر من الفوز باستضافة كأس العالم وتنظيمها لدورة الألعاب الآسيوية ومن إنشاء أكاديمية أسباير ذات المواصفات العالمية، هذا بالإضافة إلى إقرار دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات للمجالس البلدية والتي تعتبر مؤشرا أوليا في سعي الدولة لخوض التجربة الديموقراطية.
كل ما ذكر هو لمحة بسيطة ومختصرة وما زالت الإنجازات مستمرة، ولا شك أن التركة ستكون ثقيلة على الحاكم الشاب الشيخ تميم بن حمد لمواصلة مسيرة الإنجازات.
ختاما، لا أدعي لقطر المثالية، فلكل تجربة مثالبها، ومن لا يخطئ لن يتمكن من الاستفادة ومن تحقيق الإنجاز.

Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.