لست أرى فيما حدث في مصر يوم 30/6 وما تلاه من عزل لرئيس الجمهورية وتعيين رئيس مؤقت، لست أرى في ذلك ثورة ثانية، بل هو امتداد لثورة 25 يناير 2011 وتكملة لها لأنها ـ ثورة ينايرـ لم تؤت ثمارها بل كانت نتائجها كارثية على مصر والمصريين، وانعطافة خطيرة في التاريخ المصري كادت تؤدي بمصر إلى الهاوية.
في هذه الفترة التي استمرت لمدة سنتين ونصف، شهدت مصر أحداثا في غاية السوء وتولى أمر البلاد من هو ليس بكفء لقيادتها لعدم خبرته السياسية اولا ولارتباطه ثانيا بمشروع خارجي لا يراعي المصالح الوطنية المصرية بقدر ما يراعي الخواطر الخارجية المرتبطة بهذا المشروع وهو التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.
وفلسفة هذه الجماعة قائمة على جمع المال وتكوين امبراطوريات مالية كبيرة تشتري بها الضمائر وتدوس كرامات الناس ولا تهتم بالشأن السياسي خارج هذا الإطار، فضلا عن رغبتها في الهيمنة وبسط سلطتها ورفض الآخر والتعالي عليه ورغبتها في التجهيل وتأصيل الخرافة وربطها بالدين كي تكسب ولاءات البسطاء والسذج.
وهذا الوضع الاستثنائي السلبي هو الذي أبقى جمرات الثورة مستعرة حتى وإن خبت بعض الشيء، ويحسب للثوار المصريين أنهم قبلوا على مضض بنتائج الانتخابات التي اسفرت عن فوز «مرسي» كرئيس للجمهورية رغم وضوح تزويرها وما حدث فيها من تلاعب وترويع للناس من قبل جماعة الإخوان المسلمين، ورغم هذا فإن الثوار أعلوا المصلحة الوطنية ورضخوا لتلك النتائج المزورة، حاسبين أن الأمور ستمضي على خير وأن سفينة الوطن ستمخر عباب بحور الديموقراطية والحق والعدل، ولكن الحزب الحاكم (الحرية والعدالة) مضى بسفينته هو وبقيادة مرشده وبقي «مرسي» صورة للنشر فقط، وهيمن الحزب على مفاصل الحياة في البلاد وفتح السجون ليخرج منها الارهابيون والقتلة ومعتادو الإجرام والذين استخدمهم الحكم كميليشيا في وجه المواطنين وقوات الأمن المصري من جيش وشرطة، واطلق قنوات وأبواقا إعلامية تتولى نشر الجهالة لتغييب الناس ولتأصيل حكم الإخوان، مستخدمين الدين كاداة لتحقيق مآربهم وسمع الناس في تلك القنوات ما لم يسمعوا به من قبل.
هذا الواقع ووقائع أخرى شهدتها مصر تحت ظل الإخوان هي التي أشعلت جمرات الثورة وسعرتها من جديد ليعلن يوم الثلاثين من يونيو يوم عزل الرئيس، وسقط الرئيس بإرادة الشعب وانتصرت الثورة.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق