سامي النصف: إخوان مصر.. أخطاء على الطريق

هل يعقل أن إخوان مصر لم يجدوا أفضل من د.محمد مرسي ورهطه لحكم بلد بعراقة مصر؟! ألم ننصحهم في مقالات منشورة في الكويت ومصر ونصحهم معنا آخرون بضرورة إشراك الآخرين معهم في الحكم كي لا يصبحوا «حزب وطني» آخر واقتداء منهم بالحالة التونسية التي اشتركت بها القوى المختلفة بالحكم والغنم والغرم، لقد أخذت الإخوان بمصر العزة بالاثم وانتشوا بالنصر فعادوا الشعب وقواه الوطنية والقضاة والجيش والداخلية حتى لم يبق معهم أحد فسقطوا سريعا ولم تكن تلك الزلة الوحيدة في تاريخهم الممتد لثمانية عقود.

>>>

مع بدء حكم الملك فاروق وصدامه مع القوى الوطنية وعلى رأسها زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس باشا، انحاز الاخوان للملك وألبسوا شبابهم لبس الكشافة، ولبسها مثلهم قائدهم حسن البنا ليكونوا في استقبال الملك عند زيارته لسيدي جابر، هاتفين «الله مع الملك» ليرد عليهم شباب الوفد بقمصانهم الزرقاء «الشعب مع النحاس»، إلا أنهم سرعان ما انقلبوا على الملك المؤيد من الله حسب قولهم بشكل دموي، فقتلوا رؤساء وزرائه أحمد ماهر والنقراشي باشا، وحاولوا قتل ثالثهم في قيادة حزب السعديين القريب من القصر ابراهيم عبدالهادي باشا الذي كان رئيسا للوزراء، فأمر بقتل حسن البنا انتقاما لمقتل رفيقيه ومحاولة قتله.

>>>

أتى انقلاب يوليو 1952 فحل جميع الاحزاب وترك الاخوان وحدهم ليقودوا الساحة السياسية بعد أن أشركهم معه بالحكم، وعوضت أرملة حسن البنا وأطلق سراح قتلة القاضي أحمد الخزندار من شباب الاخوان، وبدأت في نوفمبر 1953 محاكمة قتلة البنا وعلى رأسهم المتهم ابراهيم عبدالهادي باشا الذي حكم عليه بالاعدام، إلا أن الحكم لم ينفذ بعد أن انقلب الاخوان بشكل دموي على عبدالناصر وحاولوا قتله في منشية البكري عام 1954 فسجن الآلاف منهم وأعدم قيادات التنظيم الخاص، وفي عام 1960 أطلق عبدالناصر سراح جميع معتقلي الاخوان بمصر ارضاء لاخوان سورية الذين توحد معهم ليقفوا معه ضد حزب البعث، فانقلبوا عليه وحاولوا قتله في صيف 1965 عبر محاولة نسف القطار الذي كان سيقله للاسكندرية، فأعدم سيد قطب وسجن من معه.

>>>

أخرج الرئيس السادات الاخوان من السجن ودعمهم ومكنهم من قيادة الشارع مناكفة بالناصريين والقوميين واليساريين، إلا أنهم انقلبوا عليه مما جعله يودعهم ومرشدهم السجون حتى انتهى الأمر بقتله من قبل جهاديين منشقين عن الاخوان، وما ان وصل مبارك للحكم حتى أطلق سراح معتقليهم ووصل الى تفاهمات معهم داخلية وخارجية (دعم الجهاد في أفغانستان) ومكنهم من دخول مجلس الشعب بما يقارب 90 كرسيا، إلا أنهم انقلبوا عليه كذلك، وتعرض لمحاولة اغتيال في الحبشة ثم حركوا الشارع ضده حتى سقط نظام حكمه ونسبوا الفضل في ذلك لأنفسهم دون غيرهم، وكان ذلك بداية الاشكال الذي انتهى بخلع د.مرسي ومجاورته ـ مجازا ـ لمبارك في المعتقل.

>>>

آخر محطة: (1) التسمية الصحيحة للجناح الانقلابي المتشدد من الاخوان الذي أضر بهم عبر تاريخهم ومازال، والتي تمنع مظلمة التعميم على باقي الاخوان، هي «القطبيون»، أي اتباع المتشدد سيد قطب الذي كتب كتاب «معالم في الطريق» الذي يعتبر مرجع ومنبع فكر التطرف والتشدد القائم في المنطقة، وكان الأصح أن يسمى الكتاب «أخطاء في الطريق».

(2) لو جاز لي مرة أخرى نصح الاخوان المسلمين في مصر لطلبت منهم أن يتركوا الميادين سريعا، وألا يلطخوا أيديهم بالدم ـ دمهم أو دم خصومهم لا فرق ـ وأن يكونوا سباقين لمصالحة الآخرين بعيدا عن العند والمكارة، وأن يتجهوا بنفوس راضية الى صناديق الاقتراع ويقبلوا بنتائجها، وألا يجعلوها حجة للطغيان والجبروت، فقد أوصلت الصناديق هتلر وموسليني وكثيرا من الطغاة للحكم.

(3) لدي يقين انهم لن يقبلوا بمثل هذا النصح العاقل وسيستمرون على تشددهم وتطرفهم وقيادة القطبيين لهم حتى يوصلولهم وبلدهم العزيز مصر الى الخراب التام.
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.