عبداللطيف الدعيج: هل تستعيد مصر حنفيتها

تاريخ 2012/4/23 زارنا هنا في الكويت الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. كانت زيارته، مع الاسف، حدثا عاديا للكثيرين. نحن هنا في القبس رحبنا به بشكل خاص. وكتبنا افتتاحية خاصة بمناسبة زيارته بوصفه اول رئيس عربي منتخب. القبس 2012/4/24 اعتبرناه شرفا عظيما لنا وحدثا استثنائيا في الكويت ان نحظى بزيارة اول رئيس عربي تم اختياره من قبل الشعب. تتداعى ذكريات تلك الايام المجيدة الآن في خاطري، واتساءل: ماذا لو ان الرئيس المخلوع محمد مرسي سبق الرئيس المرزوقي في الزيارة كأول رئيس عربي منتخب يزور الكويت؟ ربما قلب الاخوان المسلمون ومحبوهم الاوضاع هنا ترحيبا به. وعمت البلد احتفالات ومهرجانات صاخبة. لكن ليس هذا القصد من التساؤل.. القصد: ماذا سيكون موقفنا الان وقد تم عزل ثاني رئيس عربي منتخب بعد الرئيس المرزوقي.. وما موقف القبس لو ان المرحب به بشكل استثنائي كان الرئيس المخلوع محمد مرسي بدلا من المنصف المرزوقي؟!.. بل ما موقفنا الان والانترنت يعج بمن يطالب تونس بالثورة او «التمرد» وعزل اول رئيس عربي منتخب نفسه؟!..

قبل ايام كتبت، بناء على تصريح للشيخ محمد الصباح، ان دول الخليج تستهدف الاخوان المسلمين. ولم تمض ساعات حتى اشتعلت مصر، وتم بناء عليه عزل الرئيس المصري وبدأ التضييق على حزب الاخوان المسلمين من هيئات وافراد. تأثير البترودولار حمل الاخوان للحكم في مصر، بل هو قبل ذلك فتح الخليج، والكويت، بالذات لهم، وربما تأثير البترودولار هو من اسقط الرئيس المصري بدلالة سرعة وتلهف دول الخليج على التهنئة والتبريك. ليس القصد ان دول الخليج، وليس الشعب المصري وقواته المسلحة، من اسقط حكم الاخوان، فهم سقطوا بفعل ممارساتهم وبفعل عدم انسجامهم والنظام الديموقراطي الذي تفردوا بادارته. لكن القصد الاساسي ان الاخوان المسلمين والتيارات الدينية المصرية جميعها نمت وترعرعت برعاية وحضانة تبرعات وزكوات «اهل الخير» الخليجيين. من دون اموال «اهل الخير» البترودولارية كانت مصر ستبقى «اسلام فري» ولم يكن في الامكان ان تقوم للمتدينين فيها قائمة. فمصر عُرفت طوال تاريخها الحديث بالتسامح، وعرفت بتاريخها القديم بــ «الحنفية» اكثر المذاهب الاسلامية يسرا وتسامحا.

اذا كان الشعب المصري حريصا هذه الايام على التخلص من رئيسه المنتخب، فالاولى ان يشمل هذا الحرص ايضا الانعتاق من التأثير الديني لـ«البترودولار» ومن المد الوهابي الذي غزا مصر في سنوات الردة الاخيرة.

مشكلة مصر ليست في الاخوان المسلمين.. لكن مشكلتها في زيادة جرعة التدين التي حملها وتبناها الرئيس انور السادات. الان المطلوب ان تستعيد مصر حنفيتها وتسامحها، او بشكل افضل ان تتحول الى علمانية كما كانت في بداية القرن الماضي.

***

كارثة لا يمكن تقبلها، إن صحَّت، وهي إشاعة أن وزارة التربية رفضت إدراج اسم كريمة المواطن سليمان بوغيث في قائمة الناجحين. النشر في قائمة الناجحين أمر معنوي لن يفيد، وربما لن يغني كريمة السيد سليمان بوغيث، لهذا فإن تعمّد عدم نشر اسمها يبقى قضية مرعبة، حيث إنه إذا كان هذا رد فعل «السلطة» أمام مكسب وحق لا يغني ولا يفيد، فماذا هو موقفها من حقها في العمل أو في الخدمات والامتيازات الحكومية؟!

المحزن أكثر في الامر أن المواطن سليمان بوغيث ليس مدانا بأي قضية. بل هو لم يكن في يوم من الأيام متهما، لم يرتكب جرما، ولم يخرق قانونا على أرض الكويت، بل لم يعمل ضدها في الخارج.. فبأي حق ومنطق تعاقب «السلطة» أقرباءه.. بل بأي حق تعاقبه هو نفسه؟!

وبمناسبة التفوق، نهنئ أيضا المتفوقة فوق العادة، الطالبة السورية التي استطاعت، رغم المحن والآلام التي تمر بها سوريا، أن تتفوق على غيرها من الطالبات. هنيئا لسوريا بك، وعسى «نجاحك» فألاً حسناً على الشعب السوري.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.