يبدو ان المنطقة برمتها. بل يبدو ان المسلمين ذاهبون الى حرب طائفية. مكرهين او راغبين. ويبدو ان الشرارة قد ولعت او تكاد.
فزج الشيعة كل الشيعة الى صف بشار الاسد وزج السنة كل السنة الى صفوف المعارضة. يذكرنا هذا بالحرب العراقية الايرانية حين قسم المسلمون ولا سيما منطقتنا المنكوبة بالصراعات الطائفية والسياسية الى فسطاطين. فسطاط شيعي يصطف الى ايران. وفسطاط سني يصطف مع صدام حسين. ولا نريد تذكر تلك الايام. لانها كانت اياما تعيسة ومأساوية لا اعادها الله ثانية.
اندهش عندما يضعون كل الشيعة الى صف بشار الاسد ويزيد اندهاشي عندما يزجون الشيعة في سلة حزب الله. وهم يعلمون جيدا ان الشيعة لئن يوحدهم المذهب لكنهم متفرقون الى منازع مختلفة. فالشيعة مثل السنة بين العلماني والليبرالي والوسطي والمتطرف. ومن الشيعة من يرفض الدولة الدينية ويرفض نظام الملالي في ايران ويرفض التطرف ويرفض حزب الله. الا ان اصحاب النفوس الخبيثة واصحاب الاغراض الخبيثة والحاقدين على انفسهم يسقطون هذا الحقد على غيرهم (…) هم لا غيرهم يؤججون الفتنة السنية الشيعية. ويشعلون النار في بيتوهم قبل ان يشعلوها في بيوت الآخرين..!!
دخول حزب الله اللبناني في سورية مناصرا بشار الاسد ضد المعارضة كان متوقعا فهزيمة او سقوط النظام السوري هو سقوط وهزيمة مؤكدة لحزب الله. وقد قالها صراحة حسن نصرالله. في خطبة اخيرة عندما قال «ان سقوط النظام السوري هو انكشاف لظهورنا..» فهل كنتم تظنون ان يسقط نظام بشار الاسد وحزب الله يتفرج؟ ثم ان دخول حزب الله محاربا الى جانب النظام السوري مسألة لبنانية لبنانية مثلما مسألة جماعة النصرة واحمد الاسير وتابعه المطرب المعتزل فضل شاكر المختفيين عن الملاحقة الامنية مسألة لبنانية لبنانية وعلى اللبنانيين وعلى القيادة اللبنانية والحكومة اللبنانية والسياسيين والاحزاب والاطياف والكتل والتيارات اللبنانية حل مشاكلهم بما يحفظ للبنان سيادته وللشعب اللبناني وحدته.
ان محاربة الشيعة اللبنانيين والشيعة عموما في ارزاقهم في البلدان الخليجية او في غيرها من الاماكن بذريعة معاقبة حزب الله هو بمثابة تصفية عنصرية وحرب طائفية. ما كان للخليجيين ان يفعلوها لو كان هناك عقلاء خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الكريم بما يحمل هذا الشهر الفضيل من الرحمة والخير ولكن يبدو ان المسلمين لا يحاربون بعضهم بعضا. الا في الاشهر الحرم والاشهر الفضيلة.
نقول ذلك وقلوبنا تنفطر ألما وأسى حين ينجح الحاقدون والكارهون والطائفيون والتكفيريون في تحقيق مخططاتهم الخبيثة وشق صفوف المسلمين الى سنة وشيعة، في قضية لا تقبل اية دلالات دينية او مذهبية بقدر حق شعب يبحث عن الحرية والديموقراطية فلماذا اصبغتم الثورة السورية بالصبغة الطائفية. وهي ثورة شعب بكل اطيافهم ومكوناتهم. هل السوريون كلهم علويون ام شيعة. ام مسلمون وغير مسلمين وعرب وغير عرب..؟!!
واذا كانت قيادات حزب الله شيعيين فالمقاتلون ليسوا كلهم شيعة بل بينهم مرتزقة من ملل اخرى مسلمون سنة ومسيحيون وغير ذلك فهل من الضمير والانسانية والدين ان تحكموا على كل الشيعة بالهلاك على ذريعة معاقبة حزب الله؟!!.
اين العقلاء من كل هذا الذي يجري..؟!!
هل غابت العقول الحكيمة والرؤى الثاقبة ام طغى الحقد الاسود على السطح وبانت الانياب الصفراء الكريهة على الوجوه ام الشيطان اندس تحت عباءات هؤلاء العقلاء حتى فعل فعلته الخبيثة..؟!!
علينا ان نقيس خطورة ما يحدث. فالنار الطائفية مازالت مخبوءة تحت الرماد. ولكن هناك الجاهلون والحاقدون يعبثون بتلك الجمرات غير عابئين ان العبث قد يحرق اصابعهم اولاً..!!
ان معاقبة حزب الله ينبغي ان تبقى في اطارها الحزبي لا ان يطول العقاب اناسا بسطاء جاؤوا الى الديار الخليجية للاسترزاق ولقمة العيش بأمن وسلام فلا حول لهم ولا قوة. ولا علاقة لهم بالحزب لا من قريب ولا من بعيد. وكل عذرهم انهم شيعة. فهل الشيعة تهمة ام جريمة؟! وقد قال الله سبحانه وتعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق