تباين الشعارات الانتخابية يحكمه المناخ السياسي وحلول رمضان

تتميز الشعارات الانتخابية لمرشحي (أمة 2013) بتباين ملحوظ قياسا بالتجارب الانتخابية السابقة لناحية انخفاض حدة بعض الخطابات وسقفها العالي لاعتبارات عدة متعلقة بطبيعة المرحلة والمناخ السياسي السائد فضلا عن نظام التصويت ومدى تقبل الرأي العام لتلك الشعارات.

ويعرف الشعار الانتخابي بأنه “أسلوب فني يستخدم للتأثير على الافعال الانسانية عبر بعض الآليات بغية تنفيذها مع ضرورة ارتباط الشعارات عموما باستخدام اسلوب الاقناع لكسب اكبر عدد من المؤيدين واقناعهم بوجهة نظر معينة شريطة أن تتمتع تلك الشعارات بالبساطة وعدم التناقض وارتباطها بواقع الناخبين”.

وفي وقت يعتبر البعض الشعارات الانتخابية ودرجة تأثيرها اجراء شكليا تشهده الحملات الانتخابية دائما يرى آخرون ان لتلك الشعارات أهمية عالية ودورا أساسيا لارتباطها بمفاهيم الديمقراطية والتنافسية.

ورأى عدد من الاكاديميين في مجالات الاعلام والاجتماع والسياسة في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان مدى التباين في الشعارات الانتخابية يرتبط ارتباطا وثيقا ببيئة النظام السياسي والانتخابي وضوابطه ودرجة الوعي السياسي للبيئة الانتخابية المجتمعية وحتى بأسس التصويت ذاتها.

واعتبر الاكاديميون أن هذا الاختلاف يرتبط أيضا بالمرشحين أنفسهم ودورهم وامكانياتهم ومهاراتهم المتعددة ثقافيا ومجتمعيا وحتى ماليا وقدرتهم على توظيف مجمل ذلك لدى الناخبين بغية تحقيق الفوز بالمقعد الاخضر وصولا حتى الى توقيت الانتخابات التي تزامنت هذه المرة بحلول شهر رمضان المبارك.

وقال أستاذ قسم الاعلام في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور محمد البلوشي ان الشعارات التي يضعها المرشحون “لا علاقة لها بمتطلبات وأمنيات الناخبين لانه يتم وضعها حسب الاحداث التي يشهدها الواقع وهي بالفعل اختلفت بين التجربة الانتخابية الماضية والحالية”.

وأضاف الدكتور البلوشي “من المفترض أن يكون هناك ترابط بين الشعار وأمنيات المرشحين لكن في الواقع كثير من الشعارات التي يضعها المرشحون لا تكون عن قناعة وانما هي مجرد فرضيات غير صحيحة”.

وأوضح ان المرشحين يتعرضون في هذه الفترة الى “ضعف اعلامي” لظروف عدة منها ارتفاع درجات الحرارة وتزامن الانتخابات مع حلول شهر رمضان المبارك والجو العام “غير الجذاب” للشعارات البراقة بوجود الوعي العالي لدى الناخبين وتوقعاتهم للسيناريوهات الانتخابية الى جانب نظام (الصوت الواحد) الذي حسم كثيرا من الامور.

وذكر ان الشعارات “تتأثر بالواقع ولا تؤثر بقناعات الناخبين وبعض المرشحين ليس بحاجة الى الشعارات التي تحفل بالشدة والتحدي لاثارة واجتذاب الناخبين وذلك لأنهم ربما يضمنون كثيرا من قواعدهم الانتخابية ويرون أن الشعارات الانتخابية لا تلعب دورا في زيادة عدد ناخبيهم.

من جانبه قال أستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور خضر البارون ان شعارات المرشحين خصوصا في شهر رمضان المبارك قد تكون أكثر عقلانية وموضوعية وهدوءا عن الانتخابات الماضية “فمن المعروف ان المرشحين غالبا ما يسعون من خلال هذه الشعارات الى اجتذاب أكبر عدد ممكن من الناخبين”.

وأضاف الدكتور البارون ان المرشحين والناخبين حاليا “تأقلموا مع نظام (الصوت الواحد)” ويمثل الشهر الفضيل عاملا كبيرا ومساعدا في تخفيف حدة الصوت والسعي الى شعارات تركز على تنمية وبناء واستقرار الوطن وأمانة التصويت وأن تكون المنافسة شريفة وقائمة على حب الوطن.

وأوضح ان الشعارات في كثير من الاحيان تؤثر على الناخبين “فإن كانت تنتقد كل شيء سلبي فهي تساعد في اجتذابهم اضافة الى ان الناخبين يحبون الانتقاد لاعتقادهم ان ذلك سيصلح الامور وفي الوقت نفسه هناك شعارات لا تؤثر على بعض الناخبين لانها تعتمد على اعتبارات فئوية”.

ورأى ان هناك ظروفا تحكم المرشحين في اختيار شعاراتهم كما ان بعض المرشحين ليس بحاجة الى شعار لامع لاجتذاب ناخبيه “لضمانه قاعدته الانتخابية كما ان الناخبين واعون بأن هذه الشعارات مجرد كلمات ولا تمس الواقع بصلة”.

وذكر من مميزات تزامن الانتخابات الحالية مع حلول شهر رمضان وجود فرصة للتسامح وتوحيد الصفوف “لانه شهر الرحمة والعطاء والتنافس السليم فكثرة العطاء وانتقاء الندوات والكلمات الطيبة تلعب دورا في اجتذاب الناخبين”.

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور حامد العبدالله ان هناك “تغيرا كبيرا في حدة الصوت ونبرة الشعارات عما كان عليه الحال في الانتخابات الماضية لاسباب عدة منها القبول الشعبي لنظام الصوت الواحد وتأقلم الناخبين مع الواقع ما انعكس على شعارات المرشحين وجعلهم يتحدثون بصوت عقلاني”.

ورأى العبدالله سببا آخر يتمثل بتجربة بعض المرشحين في الانتخابات “حيث أصبحوا على دراية تامة بالامور الاساسية وأن الناخبين بحاجة الى الصوت العقلاني لتحقيق برامج وأولويات وأهداف وتطبيقها على الواقع وبحاجة الى اسلوب يخاطب عقل الانسان لاخراجه من حالة الاحباط التي يشعر بها وينتخب يوم الاقتراع”.

وذكر ان الناخبين “واعون بما فيه الكفاية حيال المرشحين وتوجهاتهم وأطروحاتهم ويمكن القول ان الشعار يجب أن يكون مرتبطا بالواقع وليس خياليا فالشعار يؤثر الى حد ما في اجتذاب الناخبين ان كان المرشح جديدا على الساحة البرلمانية فيصبح هناك فضول لدى الناخب لمعرفة ما لدى هذا المرشح من رؤى”.

وبين ان المرشح الجديد بحاجة الى شعار مميز وجاذب أما المرشحون القدامى فيختارون شعاراتهم بحيث تكون مختصرة لاهدافهم التي يريدون تحقيقها وجميعها تعتمد على وعي الناخبين.

واشار العبدالله الى أن بعض المرشحين ينتقي شعاراته لترتبط بواقع عملي معين تتحدث عن أحداث ملموسة نعيشها والبعض الاخر يحاول أن يخاطب ويدغدغ مشاعر الناخبين “وثمة من يحاول أن يتكسب من وراء هذه الشعارات ومن المؤسف ان بعضهم ينجح بسبب هذه الشعارات المزيفة”.

بدوره قال أستاذ علم الاجتماع في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور يوسف غلوم ان الشعارات تنعكس على الفترة الزمنية وعلى الاحداث التي يشهدها الواقع مضيفا ان هناك نوعين من المرشحين الاول ممن لديه أطروحات حالية تختلف عن أطروحاته الماضية بحكم الخبرة والواقع الذي عايشه عبر تواجده في مجلس الامة سابقا على قاعدة ان شعاراتهم الحالية هي مكملة لمسيرتهم الانتخابية.

وذكر الدكتور غلوم ان النوع الثاني “هم المرشحون الجدد الذين يطرحون شعارات مبنية على أحداث ومحطات سابقة في مجالس مبطلة الا انهم جميعا مرتبطون بالواقع السياسي الذي تشهده الكويت”.

وبين ان الناخبين في غالبيتهم “لا يعتمدون على شعار المرشح ذلك أن الانتخابات مرتبطة بشكل كبير بالتجمعات وما شابه ذلك من أمور وليس بناء على شعار أو برنامج معين فالشعار مجرد شعار يطرح”.

وأشار الى أن الشعارات الحالية للمرشحين “جميعها ممتازة لكن الاهم تطبيقها على أرض الواقع ليستفيد منها المجتمع والوطن في آن معا “ومن هنا تتأتى أهمية اختيارنا للمرشح الاكفأ لحل مشاكلنا والحد منها وتطوير المجتمع”.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.