ما يميزنا كعرب عن بقيّة شعوب العالم الأّخرى أننا لا نعرف كيف نتحاور في ما بيننا، ولا نؤمن بالرأي الآخر، وكل واحد مِنا يريد أن يكون بالنهاية هو صاحب الرأي الذي ساد الموقف والحدث والمقابلة.
لا يوجد شيء يُقرّب وجهات النظر بين البشر كالحوار، أي أن الحوار هو المفتاح الأول لفتح باب القبول بين المتحاورين، ولا يمكن أن يكون هناك حوار حقيقي بلا قبول بين الطرفين المتحاورّين، ونقطة القبول تكاد تكون شبه معدومة بين العربي والعربي الآخر عند الحوار!
في أول ظهور لقناة الجزيرة الفضائية قدمت لنا كعرب نوعية جديدة من البرامج، وهي التقاء اثنين عرب للتحاور في ما بينهما على الهواء مباشرة وجهاً لوجه على طاولة واحدة لا يفصل بينهما إلا سنتيمترات قليلة، ولقد كشفت قناة الجزيرة عبر برامجها الحوارية أن العرب لا يحسنون التحاور فيما بينهم، بل يُحسنون كيل السُباب والشتائم بينهم في حواراتهم، ناهيك عن تلك الانسحابات المضحكة والمخجلة التي حدثت على الهواء مباشرة، حيث ترك بعض الضيوف كراسيهم قياماً ثم تاركين المذيع وضيفه الآخر خلف ظهورهم ورحلوا!
مشكلتنا كعرب في حوارنا مع بعضنا أننا قبل أن نبدأ الحوار نكون غير متقبلين لبعضنا، وغير مقتنعين بالرأي الآخر قبل أن نسمعه من صاحبه، لذا ترى العربي يجتهد من أول بداية حواره مع أخيه العربي الآخر أن يُلغيه بالكامل، ويحاربه قبل أن يسمع منه شرح نقاطه! نحن العرب معظمنا يتمتع بحالة (العرّبنة)، وهي حالة فكرية ونفسية صعبة، تجعل العربي يشبه خشب السنديان في تفكيره ومعاملته للعربي الآخر! حيث لا منطق ولا مرونة ولا حتى رحمة! لذا سيبقى العربي يوّرث عربنته لأولاده وأولاد أولاده لقرون طويلة مادام أن مدارسنا العربية ألّفت لهم ودرستهم كُتبا تُحدثهم عن زُحل وعطارد وعمليات البناء الضوئي عند النباتات، ولم تؤمن إلى الآن بأهمية الحوار ودوره العظيم في الالتقاء والانسجام والتعاون وبناء المجتمعات والدول.
Twitter: @alrawie
roo7.net@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق