داود البصري: دشتي واحترام الإرادة الوطنية الكويتية!

لابد في البداية أن ندين كل مظاهر الاستهانة بالرموز الوطنية والسيادية للدولة الكويتية وهي رموز عمدت بالدم وتضحيات الشهداء وعطاء المضحين , فعلم الدولة ليس مجرد “خرقة” من القماش مجردة من أي معان? كما أنه بالقطع ليس رمزا يعبد, ولكنه دلالة حضارية وسلوكية وإنسانية تدل على الإرتباط بين المواطن ووطنه, وكذلك الحال مع السلام الوطني الذي يمثل قيمة معنوية معبرة عن هوية وأصالة الوطن والمواطن وجواز سفره المعنوي والحضاري بين دول العالم أكثر من كونه مجرد أنغام موسيقية, وكل هذه الحركات الاستعراضية التي طرأت اخيرا لا تمثل شيئا ذا قيمة أمام الإرادة الوطنية الكويتية التي تبلورت عبر سنوات وعقود البناء والتحدي التي صقلت الهوية الفكرية والوجودية وحسمت بالكامل مسألة الارتباط الوجودي بين المواطن ووطنه, صراع الرؤى والتيارات المتخالفة والمتضادة داخل أي مجتمع لايمثل مشكلة فيما لوتم الالتزام الصارم بالأجندات المقدسة التي لايسمح بتجاوزها كإحترام الشرعية الدستورية والولاء التام والكامل للوطن والإلتزام بالتالي بالإرادة الوطنية الحرة التي تصب في صالح المجموع , لقد قدر لدولة الكويت أن تخوض في محطات صراع ستراتيجية حاسمة بعضها كان محرجا ومؤلما, ولكن بفضل إرادة الرجال الأحرار تم تخطي كل الصعاب وتحددت الهوية الحضارية والسياسية للوطن الكويتي الصغير الملتزم والمتفاعل مع قضايا أمته العربية الكبرى حتى أضحت الكويت رمزا شاخصا من رموز الكرامة الوطنية والقومية, وهي شهادة عز وفخار تاريخية يحق لشعب الكويت الإعتزاز بها وبموروثاتها الميدانية الشاخصة, والكويت لم تكن يوما وكرا لتصدير الفتن والأزمات والمصائب أو ممرا لتمويل الإرهاب والتخريب, بل كانت حالة دائمة من العطاء إنعكست واقعيا على صورتها الرائعة في مجالات التنمية البشرية والإقتصادية الوطنية والعربية فخيرات الكويت تمتد شاخصة من ضفاف المحيط الأطلسي وحتى شعاب وجبال اليمن, وأقاصي حضر موت لتزرع البسمة والمعرفة والعطاء وتلك مسألة معروفة ولا تحتاج لبيانات ثبوتية , وعليه فإن كل الاصطفافات السياسية والتكتلات الفئوية اليوم التي تحاول التشويش على الدور الكويتي التنموي الفاعل أومصادرة تاريخه لن تجدي نفعا أوتوفر سبيلا لكل حاقد غشوم ليبث تخرصاته الخارجة عن سياقات العقل والمنطق, اليوم تعيش الكويت حالها حال العالم بأسره والعالم العربي خصوصا مرحلة متغيرات تاريخية كبرى ستمهد المشهد الجديد للعقد الثاني من الألفية الثالثة , وهي بالتالي تعيش إرهاصات التغيير نحو الأفضل رغم كونها ومنذ ستينيات القرن الماضي تعيش متغيرات يومية هائلة أسست للكويت الحديثة رغم بعض العثرات والمنغصات والعقبات وتلك من طبائع الأمور, والكويت اليوم يعيش أبناؤها بكل وجدانهم مشاعر الألم والحزن على مصير اشقائهم في سورية الذين يخوضون لحظات التغيير التاريخية الكبرى بتضحيات دموية عالية وغالية لكونهم يهدمون أسس نظام إرهابي مافيوزي قاتل تعود على استعباد الشعب وإرهابه والتنكيل به ويرفض الخضوع لرأي وإرادة الأغلبية الشعبية التي حسمت خيارها وقررت إرسال النظام البعثي السوري بكل ما يمثله من قيم متهاوية وروح عدوانية متأصلة لمزبلة التاريخ وهذا قرار الشعب السوري الذي لاتعلو عليه أي إرادات مضادة أخرى , وقد يبدو غريبا للغاية أن يدعو النائب الكويتي المحترم عبد الحميد عباس دشتي لمساءلة ومعاقبة من تصرف باستهانة أمام مسألة العلم أو النشيد الوطني, بينما يصمت عن مجازر النظام السوري المخزية التي قضت مضاجع البشرية وأثارت حملة رهيبة من الاستنكارات الدولية وجعلت العالم بأسره يقف على رأسه وليس قدميه بينما صديقنا ورفيقنا أبوطلال لم يزل يتغنى بمحاسن ومفاتن الدستور السوري الجديد!! ويتحدث عن العصابات المسلحة بل أنه للأسف وعبر الوجه الآخر في المنتديات والمحافل اللندنية أو”النجفية” يدعو علنا لمساندة العصابات الطائفية في البحرين التي تمارس الإرهاب المبرمج إيرانيا وتقتل رجال الأمن والشرطة من دون أن ننسى أونتجاوز عن تلك الدعوة اللندنية المسجلة وثائقيا عن دعوته لتدمير بعض الانظمة الخليجية? ألا يمثل كل ذلك خرقا للمادة 33 من قانون أمن الدولة الكويتي? وألا يعتبر تحريضا وتخريبا ودعوة لمناصرة الإرهاب ? وكيف ينسى المرء نفسه ومواقفه بهذه السهولة, ليتجاوز عن قضايا أمنية خطيرة ويركز على مواقف إستعراضية يقوم بها البعض ليست لها أي تأثيرات على الأمن الوطني والقومي بل أن لا أحد يسمع بها أويقيم لها وزنا أصلا لولا التضخيم الإعلامي ¯ الكويت اليوم تواجه اليوم إستحقاقات وطنية وقومية كبرى كما أن ورشة أعمال التنمية الوطنية الكبرى لا يمكن أن تدور عجلتها من دون حسم نهائي لصراعات الإرادة الشعبية في العالم العربي , نتمنى على النائب عبد الحميد دشتي قراءة المشهد العربي والإقليمي من جديد والانحياز لصالح الشعوب الحرة الثائرة وعلى رأسها الشعب السوري الحر العظيم الذي يخوض المواجهة ضد أعتى نظام مافيوزي للقتل والجريمة بدلا من اللعب بأوراق متهاوية لاقيمة لها..! فالإرادة الشعبية الوطنية الكويتية العظمى قد اختارت الوقوف الى جانب الشعب السوري وجيشه الحر, وينبغي الاعتراف بهذه الحقيقة إبراء للذمة على الأقل واحتراما لرأي الأغلبية.

* كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.