الظاهر أن بعض النواب أخذوا يستمرئون آلية الاستجواب، فبدأوا يهددون الوزراء كلهم بالاستجواب، واحداً تلو الآخر.
فالاستجواب، مع وجود الأكثرية النيابية القادرة على طرح الثقة في أي وزير، أصبح أسهل من تقديم سؤال له.
قد يكون هذا الأمر صحيحاً، ولكن الأصح منه هو مدى قدرة نواب الأكثرية على تحقيق الهدف الأسمى من الديموقراطية، ومدى تلبية مطالب الناس الحقة في العدالة والمساواة والحرية.
مطالب الناس من مجلس الأمة هي المقياس الحقيقي لنجاحه وليس انتقام الأعضاء من الوزراء الذين لا يلبون حاجاتهم، والتي قد تكون أحياناً غير قانونية.
وزراء النفط والتجارة والخارجية والصحة كلهم من الوزراء الجدد، الذين لم يمر على تعيينهم ستة أشهر.
هؤلاء كلهم بدأ النواب يوجهون إليهم التحذير بتقديم استجوابات إليهم، مع أن المنطق يقول انه لا بد أن يعطى الوزير مهلة من الوقت كي يتعرف على وزارته، وأهم المشكلات التي تواجه البلاد، ويتكيف مع ذلك، كي يستطيع أن يحدد هذه المشكلات، ويضع لها الحلول التي هي أيضاً تحتاج إلى وقت لتطبيقها.
فهل يعقل، في هذه الفترة البسيطة، أن يسأل الوزراء، وبالأخص الجدد منهم، عن مشكلات متراكمة منذ سنوات عدة؟
واضح أن بعض النواب أخذته النشوة بوجوده في صف الأكثرية، ويتصور أن هذه الأكثرية ستقف معه في الحق والباطل، وهنا نتوجه إلى بعض نواب الأكثرية أن يخشوا ربهم أولاً، وأن يتعاملوا مع الأمور من منطلق الحق، وألا يجاملوا زملاءهم في مصلحة البلد، وأن يقولوا الحق ولو على أنفسهم.
المطلوب إعطاء الوزراء الوقت الكافي للعمل والتطبيق، وأن يلجأ النواب إلى التعاون معهم قبل أن يكون التهديد والابتزاز من خلال استخدام الاستجواب، وإقالة الوزراء واحداً تلو الآخر، وكأن المطلوب هو الانتقام وليس التعاون.
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق