كما تترك الاغذية الساخنة تبرد قليلا ليسهل اكلها دون ان يترك اكلها ساخنة اي ضرر على لسانك.. كذلك الخلافات.. اتركها تهدأ ليسهل حلها.. دون اي تداعيات.
والخلافات هنا ليست خلافات الزوجين فقط وان كانت اهمها.. بل هي كل انواع الخلافات التي يمكن ان تتخذ بعدها مباشرة قرارات قد تغير مجرى الامور.. يصعب اعادتها الى ما كانت عليه قبل.. فالتسرع في كل شيء امر غير محمود، لانه لا يأتي الا بما هو بعيد عن التفكير والحكمة.. الذي غالبا ما يحتاج الى الوقت والهدوء.
والخلافات امر وارد في كل مكان ومع اي كائن.. ومن شأن اي اختلاف في وجهات النظر ان يتحول الى خلاف او تأزيم.. وهذا الخلاف من شأنه ان يؤدي اما الى مصيبة او الى تصويبه.. بمعنى اما ان يتحول الى هدم او بناء.. كيف؟
اذا ما قرر موظف ترك العمل مباشرة بعد خلاف مع موظف آخر او مديره، دون اتاحة الفرصة والوقت للتفكير في كل تفاصيل الخلاف واسبابه، وافتراض الظروف التي قد تكون اوصلت الى مرحلة التصعيد، وهذا بالطبع يستلزم الهدوء حتى يبرد الطبق او تزول مؤثرات الخلاف من كل النواحي، فانه يكون قد قطع رزقه بيده في الوقت الذي يكون الامر لا يستحق هذا التسرع، اما لسخافته، او لوجود امور خافية كان الاطلاع عليها فرصة لمعرفة حقيقة كانت خافية او غير معروفة. وهذا لا يكون الا بالتفكير والتروي والهدوء.
اما اذا تريث الانسان في القرار، وترك المشكلة وفكر فيها بكل جوانبها السلبية والايجابية، وقلبها هنا وهناك، وتحدث مع نفسه عن كل احتمالات القرارات وتأثيراتها الآنية والبعيدة، لتمكن من التعرف على ابعاد كل هذه الاحتمالات وكيفية تفاديها او تجنبها بشكل أقل ضررا. وهذا بالطبع يتطلب الوقت والهدوء والسكينة. فالقرارات حتما ستكون متينة وقوية ولا تدعو للندم ابدا.
وحتى لا يحترق لسانك وانت تأكل الاكل الساخن، وحتى لا تندم على قراراتك وانت غاضب، اعط نفسك الوقت اللازم ليبرد الطعام، ابتعد عن جو المشكلة واقطع النقاش المحتدم، اعزل نفسك عنها، ليس ضعفا او خوفا، بل حتى لا يزل لسانك بكلمة تندم عليها ولا تحب ان تخرج منك انت، ولحظتها يكون قد فات الفوت، فكل تأخير في اصدار القرار يضعك على الطريق الصائب ويمنحك القوة.. ويضفي على قرارك الصحة والصلابة.
إقبال الاحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق