كل فكر يرصد بزمنه ومكانه.. حتى ان النقد الادبي الحديث أخذ يستدل على جوانب المكان وتأثير البيئة في الكاتب، والثقافة لا قرار لها انها تتطور مع الازمنة.. كان الادب العالمي محشوّا بمعتقدات الجن والسحر والشياطين ومع منتصف القرن العشرين الى نهايته تخلصت الرواية والقصص والشعر من تلك الخيالات.
الى ان استمسك الفكر الانساني بالواقع الذي اخذ يرتبط بالمكان والزمان.. ليخرج الفكر من الاوهام.. هذا هو الادب، اما التاريخ فإنه مليء بالخرافات حتى تغلغل في التاريخ الفقهي، وتخبط دون التزام بمكان وزمن محددين.
ومن أهم دلائل التوثيق ان يكون مرتبطا بزمن، وللزمن مواقيت، وتاريخ يستدل الوقائع والاحداث بالمكان.
٭٭٭
الدكتور يعقوب يوسف الغنيم، له رأي في تاريخ وطنه، وله اعتقاد راسخ بأن تاريخ بلادنا لم يكتب بعد كما ينبغي، منه ما جاء بمنهج السرد من الاحاديث للاحداث، وبعضها غير مترابط، وبعضها غير كامل كما جاء في تعريف المؤلف لفكرة الكتاب في الصفحة الاخيرة من المجلد الأول.. انها رحلة ادبية وتاريخية واجتماعية بدأها منذ منتصف 2005م ولازال «ملحاق الخير» يتدفق كل يوم أربعاء في جريدة «الوطن» الغراء.
وتستقطب صفحته المزدوجة الكثير من القراء.. مرت ازمنة سادت فيها فوضى الكتابة في التاريخ دون ان يرد احد على ما يكتب، ومع الزمن سوف تكون هذه الفوضى وثائق ان لم يفندها ويثبت الحقائق ويدحض الخطأ.. اشار في الكثير من مقالاته الى هدر معالم البلاد الجغرافية وطمسها من قبل بلدية الكويت، أسماء تراثية تعلقت بتاريخ البلاد تزال لتحمل أسماء.. هذه الاسماء مع احترامنا لها يمكن ان توضع في مواقع اخرى ليس لها مسمى.
تلال ومرتفعات ازيلت تحت نظر البلدية، مرتفعات الجليعة سويت بالارض من قبل مواطنين ليجعلوها شاليهات لهم، واحدى التلال في جنوب السرة ازيلت وباعوا رمالها وترابها.. (تراكيل) حفروا بها الارض وباعوها حصى ورمالا وأتربة، وملؤا هذه الحفر بالحديد ومخلفات البناء الخرسانية لتموت الارض الى الابد لا ينبت فيها زرع ولا اعشاب، ومن تهافت على هذه الارض اصحاب (التراكيل) من كبار القوم وفي مراكزهم الرسمية في البلاد ونواب ولصوص الضحى. أهداني الدكتور يعقوب الغنيم مشكورا هذه الموسوعة القيمة، ذات المجهود الادبي والتاريخي، والتاريخ الاجتماعي.. ومقولته: «ان تاريخ بلادنا لم يكتب كما ينبغي» هي عين الصواب لقد دونت «كشاكيل» باسم التاريخ وصدرت كتب هزيلة تحمل مسميات التاريخ.. احدهم لم يكن اختصاصه تاريخ المنطقة تخبّط في ازمنة وامكنة بالمنطقة والكويت فتصدى له العلامة محمد الجاسر، الاديب والمؤرخ والجغرافي وبين اخطاء د. أحمد ابو حاكمة في أعداد من مجلة «العربي» الكويتية.
وصدرت كتب عديدة تحمل اسم «تاريخ الكويت» لصحفيين مجاملين ومنافقين لصقوا بها الصور الكثيرة.. وظهر كتاب وكاتبات مواطنون زيفوا التاريخ ليمجدوا بشخصيات وافتروا على التاريخ.
موسوعة الدكتور يعقوب يوسف الغنيم الازمنة والامكنة أَلِفَها قراء جريدة «الوطن» وهي اطلالات على الادب والتاريخ العام والاجتماعي.. وهي في ثمانية مجلدات قام بطباعتها الاستاذ الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، صاحب المؤسسة الثقافية والادبية الكبرى ومعاجم الشعر العربي المعاصر والحديث ومكتبة الشعر العربي، طبعت هذه الموسوعة القيمة في مطبعة السياسة.. الدكتور يعقوب الغنيم، استاذ وصديق تشهد عليه مؤلفاته منذ ان كان طالبا في دار العلوم.. جامعة القاهرة في كتابه الاول «كاظمة في الادب والتاريخ.. 1958.. وكاظمة لم تأخذ مكانتها في الدولة، وكان المفروض ان تكون أجمل مدن الكويت في الشمال بين أجمل الامكنة البحر وجبال قضي وما تحمل من رصيد في التاريخ العربي والاسلامي.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق