كسر قرار سمو أمير البلاد إعادة قانون الإعدام إلى مجلس الأمة غلو البرلمان وأغلبيته التي أقرت القانون دون إعمال أي مبدأ ديني أو قانوني لفرض عقوبة الإعدام على من يتطاول على الذات الإلهية ومقام النبوة.
كما أن رد سمو الأمير للقانون يأتي تفعيلاً للمادة (66) من الدستور، ويعد انتصاراً للدستور ومدنية الدولة وليبرالية توجهها، واستكمالاً لما جاء بمذكرة الرد على طلب تعديل المادة (79) من الدستور الذي قدمه له مجموعة من النواب، والتي جاء فيها نصاً: «إن الشريعة الإسلامية بحر واسع عميق، تتلاطم فيه الأمواج وتتعدد فيه الاتجاهات، وتتباعد فيه الآراء وتختلف فيه المرجعيات الفقهية، مما لا يمكن فيه مع كل ذلك، عملياً، اعتبار التشريع متفقاً أو متعارضاً مع أي من تلك الاتجاهات الفقهية (ما عدا الأحكام القطعية التي لا خلاف عليها)».
نواب الأغلبية خلال جلسة الخميس الماضي تطرقوا إلى مسألة رد القانون، واستخدموا لغة أقرب للتهديد بحق من رد القانون والحكومة التي وافقت على القانون ثم ردته، كما تزامن ذلك مع تحرك أذرع التيار الديني وجمعياته لشحن الرأي العام للضغط على النواب بغية تأمين موافقة 44 نائباً من أصل 49 لتمرير القانون مرة أخرى وإلزام الأمير اعتماده، والعمل على حشد المجتمع لتأمين الأغلبية العادية (النصف زائد واحد وتمثل 33 نائبا) خلال دور الانعقاد المقبل لتمرير القانون، في حال عدم تمكن التيار الديني من تأمين أغلبية الثلثين (44 نائباً) خلال دور الانعقاد الحالي.
طبعاً يحدث كل هذا والتيار المدني والفرق الليبرالية والتجمعات السياسية المحسوبة على التيار مشغولة بالتنسيق للانتخابات المقبلة، وكأن هذا الموضوع لا يعنيها، ولا العمل الممنهج الذي يقوم به التيار الديني لتغيير هوية الدولة من خلال نواب الأغلبية وتغيير شكل الدولة باسم الديمقراطية، وتكريس ثقافة المنتصر، والسعي إلى تقديم تعديلات دستورية تطول نظام الدولة تحت مسمى مشروع الإصلاح السياسي.
اليوم نحن أمام خطر داخلي للانقلاب على النظام، ويتجلى ذلك بزحف النواب على سلطات الحكومة، ومحاولة تغيير شكل السلطة القضائية باقتراح تعديلات على إجراءات التقاضي وتحويل صلاحيات المحكمة الدستورية إلى مجلس الأمة ليتحول إلى خصم وحكم في نفس الوقت، ينظر في الطعون الانتخابية وتفسير الدستور، ومع ذلك لم نر أي تحرك جدي بالاتجاه المضاد لكسر غلو نواب الأغلبية وموازنة الوضع السياسي سوى من سمو الأمير الذي آثر أن يقف راعياً لمصلحة الكويت ومجتمعها بعدما انصرفت الأغلبية لفجورها بالخصومة، وصمتها تجاه تسريب مجريات لجان التحقيق، وما يقوم به نوابها من ازدراء للعَلم والسلام الوطني وتأجيل عقد الجلسات لعدم اكتمال النصاب.
على الهامش:
النائب محمد هايف أرجع سبب عدم وقوفه للسلام الوطني لكونه تقليداً للغرب، ومستنداً إلى رأي فقهي، وهي وجهة نظر محل احترام، إلا أنه شارك خلال افتتاح دور الانعقاد السابق بـ»تقليد آخر للغرب» تمثل بالوقوف دقيقة حداد على روح ولي العهد السعودي الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز، إلى جانب بقية النواب والوزراء والجمهور الذين امتثلوا لطلب سمو أمير البلاد، فكيف سيفسر لنا ذلك؟
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق