حدثان طغيا على بقية أحداث الأسبوع الماضي، وهما وصف النائب الطبطبائي علم بلدنا ورمزنا بأنه مجرد “خِرجة”، وعدم وقوف النائب هايف للمرة الثانية أثناء السلام الوطني عند افتتاح أحد المرافق الصحية.
بداية لن أهتم كثيرا بتصريح الطبطبائي لأنه عودنا على عدم تثمين كلامه بتصريحاته التي تثير الشفقة، واتخاذه لكثير من المواقف بناء على معلومات يتبين أنها كاذبة ومختلقة، وهذه حال من يكون قلبه وراء لسانه.
لكني بالتأكيد سأقف ملياً أمام تصرف هايف، خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من تصريح الطبطبائي وما صاحبه من ضجة، ولأنها المرة الثانية التي يقوم بمثل هذا التصرف مع علمه باستنكار الكثيرين له في المرة الأولى، فلو كان عدم الوقوف للسلام الوطني مجرد عقيدة يؤمن بها لكان بإمكانه عدم الحضور في القاعة أثناء السلام الوطني والتأخر قليلا لكي ينأى بنفسه عن القيل والقال ويحترم مشاعر الآخرين، لكن التواجد أثناء عزفه وبالصفوف الأمامية يدل على تعمد هايف للاستفزاز لأن هدفه هو خرق مثل هذه الثوابت الوطنية التي تجمع المواطنين بكل مشاربهم، والتي نعلمها لأبنائنا وبناتنا في المدارس كجزء من التربية الوطنية والولاء لهذه الأرض.
فعندما يستطيع هو وغيره خرق هذه الثوابت الوطنية وتعويد الناس على تقبل هذا الأمر فإنه سيشجع آخرين على خرقها مثلما حصل قبل أيام في الجمعية العمومية لإحدى الجمعيات التعاونية، حيث لم يقف ممثل وزارة الشؤون (أي ممثل الدولة) للسلام الوطني، كما أن خرق هذه الثوابت الوطنية هو بالتأكيد مقدمة لخرق ثوابت أخرى في القادم من الأيام، فاليوم العلم والسلام الوطني هما الضحية وغدا ستكون ثوابت أخرى هي الضحية إلى أن يصلوا إلى هدم أركان الدولة.
ولا أبالغ في هذا الكلام، فما نراه في هذه الأيام من غمز ولمز على الذات الأميرية واستخدام لغة التحدي والتهديد ضد الصلاحيات الدستورية لرأس الدولة إلا شواهد على ما نقول.
وللأسف فإن أجندة هؤلاء ما كانت لتقوى وتحظى بزخم في الشارع لولا تهاون الحكومة وانصياعها لتهديداتهم منذ 4 سنوات إلى الآن، لدرجة أنه حتى النواب الذين لم يكونوا معروفين بانتمائهم إلى تيار التدين باتوا يتملقون لهذا التيار حتى يكسبوا وده وأصواته في الانتخابات، فترى أحدهم يبارك لأحد شيوخ الفتنة والتكفير حصوله على شهادة الدكتوراه، وآخر يفتخر بتشبيه الناس له لأحد رموز التطرف!
وللأسف لم تتعلم الحكومة الحالية من دروس الماضي، فانصاعت وانبطحت لابتزازهم منذ بداية المجلس عبر الموافقة على تشكيل لجان التحقيق بصورة غير دستورية، والرضوخ لبعض مطالبهم المتطرفة هنا وهناك، ولم تستيقظ إلا متأخرا بعدما رأت أن مسلسل الابتزاز والتهديد لن يتوقف، وأن لغة الانصياع لم تشتر لها الاستقرار وتجنب الاستجوابات، لكن أن تستيقظ متأخرا خير من ألا تستيقظ أبدا، فهل هو مجرد استيقاظ مرحلي أم دائم؟ هذا ما سنراه في المرحلة القادمة.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق