إقبال الأحمد: لا تخف من المعلن بل من السري

التبرع السخي من الكويت ودول خليجية أخرى لمصر، بعد أن قال الشعب المصري كلمته حين خرج في صرخة مدوية ملأت سماء القاهرة وريفها وصعيدها، حين زحفت الحشود المليونية من كل الميادين والشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير في منظر مهيب، وصفته محطة بي بي سي البريطانية العريقة بأنه الأول من نوعه في عالم السياسة، لم يكن يوماً من الأيام مصدر خجل لنا، بل على العكس إنه فخر لنا أن نقف مع أم الدنيا، بعد أن فك الله كربتها.

وقد استكثر البعض على الكويت هذه المساعدة (وليس التبرع الكبير كما يقولون) في الوقت الذي تعاني فيه الكويت بعض أوجه القصور في مستوى الخدمات التي تقدّمها للمواطن وتوقف عجلة التنمية.. فيما يفرض هذا التساؤل نفسه عندما كانت وما زالت الكويت وعبر صندوق التنمية ومساهماتها في الصناديق العربية والمساهمات العالمية تقدّم مساعداتها إلى كل الدول المحتاجة، فلماذا طرح هذا التساؤل اليوم فقط؟

ما يقلق ليس المساعدات الواضحة الشفافة من بلد إلى آخر، بل المقلق والمخيف ما كان يمارس طوال سنوات طويلة من تحويلات مليونية من جهات غير واضحة للعلن في الكويت وأقطار خليجية إلى تيارات دينية تمارس أعمالها بالخفاء في التوسع والانتشار والإعداد والتجهيز لساعة الانقضاض، كما حصل أخيراً في مصر، حين قفز الإخوان المسلمون على مبادئهم، التي كانوا يتشدقون بها بعدم الجمع بين الدين والسياسة، كما أعلنوا في بداية الثورة الأولى حين أعلنوا أنهم لا يطمحون الى السلطة، ثم وبقدرة قادر أصبح الرئيس منهم.

بعد أن نجحوا بطريقتهم الخاصة نشروا مخالبهم في كل مكان، وانتشروا في مواقع القرار، وبدأ طريقهم للسياسة بتشف واضح جداً من سنوات السجن التي زج بها قادتهم بعد أن استشعر الرؤساء المصريون السابقون خطرهم وخطر طموحاتهم، كما تجلى لنا اليوم واضحاً.

تلك التحويلات التي كانت تحول من الكويت، من أموال جمعت بالصناديق والمساجد والمبرات والسنابل وكفالات الأيتام وتبرعات لبناء المساجد وحفر الآبار، كان جزء بسيط منها يذهب إلى مكانه الصحيح، بينما الجزء الأكبر يذهب إلى مكان آخر، وهذا ما كان يتم بشكل سري.

نحن نعرف جميعاً أن العمل السري هو ما نخاف منه لا العمل الواضح المعلن عنه، وكانت ملايين الدنانير تتجاوز الحدود بطرق غير شرعية، لتصل إلى تنظيمات محظورة وضعت الإسلام شعارها فكسبت قلوب الناس البسطاء الذين كانوا يقطعون من رزقهم البسيط ليعزوا الإسلام به، فإذ يكتشف الجميع أنها أول من أساء إلى الإسلام وسماحته.

لا تخف من العمل المعلن، بل خف من العمل السري، فما قام على السرية أخفى وراءه المحظور.

إقبال الأحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.