حديث الدواوين والإذاعات والصحافة ووسائل الإعلام المختلفة هو عن خسارة الكويت لعدم الاستمرار في توقيع اتفاقية «الداو»، بدأت قضية «الداو» تظهر إلى السطح ولم تكن لتظهر لولا أن المحكمة لم تحكم لهم بغرامة ملياري دولار ونسوا ان من تكلموا في الموضوع هم من تسببوا في هذه المصيبة وهم لا يزالون قادة الشر في مجلس الأمة وما زالوا يهددون بالويل والثبور، وما زالوا يتقصدون الوزراء اهانة واستجوابا في كل لحظة وفي كل مكان.
لقد أصبح الوزراء مع الأسف الشديد يخشون ظلالهم وصارت الهواجس تغرقهم وبدأ الشك حتى في أنفسهم، واعرف البعض منهم، فهم أصدقاء حميمون متألمون ويتحسرون على الساعة التي قبلوا فيها أن يصبحوا وزراء لأنهم مرة واحدة وجدوا أنفسهم وظهورهم مكشوفة لسياط الاتهام والقذف وغير ذلك من الأساليب القذرة التي تستهدف الإنسان، ورغم انه كان متأكدا من سلامة نفسه ونظافة يده ونقاوة ضميره، إلا أن هذه الضجة المثارة حولهم تمثل سيفا مصلتا على عنقهم إما بتقديم استقالاتهم أو بالصعود إلى المقصلة، رغم ان الاستجواب ما هو إلا سؤال مغلظ إذا صدقت النوايا.
أيها الاخوة الأفاضل، هل تريدون تحويل الكويت إلى ساحة معركة وتحويل الحكم فيها الى حكم الشوارع وعدم قبول الأسلوب الحضاري المقنن الذي يجب أن نسير فيه حتى إذا كنا سنقاضي الغير، لأن لكل مقاضاة أصولا وقوانين تحكمها وطرقا ووسائل تتبعها يكون فيها المجرم بريئا حتى تثبت إدانته، فما بالكم إذا كان اخوانكم الوزراء تبرعوا لخدمة هذا الوطن وتحملوا المسؤولية، فإن لم تعينوهم فلا تكونوا حجر عثرة في طريقهم، وساعدوهم على تحمل المسؤولية، ان واجبكم في مجلس الأمة هو إصدار التشريعات والقوانين التي تسهل لهم مهماتهم، في الوقت الذي يخضعهم فيه للرقابة الدائمة في تسيير أمورهم الحكومية.
فماذا تقصدون بمثل هذا التصرف الأرعن وهذا الأسلوب الوحشي الذي وصل إلى مستوى القذف والسب واللعنة، وهل ترضون لأنفسكم أن تكونوا معرضين لنفس المعاملة وبنفس الأسلوب بالحق أو بالباطل؟
لا أعتقد أن أحدا يرضى بذلك، فإذا كنتم غير راضين عن ذلك لأنفسكم فترفعوا قليلا عن هذا المستوى المتدني الذي تعكس فيه أمورنا بأسلوب مقلوب يبدأ باتهام قبل التيقن وإصدار الأحكام قبل المحاكمة، وحتى بالإعدام السياسي قبل أن نطلع على الحقائق.
لا يا إخوان، ما هكذا تدار الأمور، فبدلا من أن تكونوا سندا لصاحب السمو كسلطة تشريعية تيسر له الأمور وتضبط هذه الأمور فأنتم تبددون روابط الأخوة ونسيتم أنهم كويتيون يعيشون معنا حتى إذا ما انقضت عضويتكم سيعاملونكم شر معاملة لأنكم قد قصرتم بواجباتكم واتهمتم الناس بالكذب والبهتان.
ونسمع هذه الأيام عن تدخلكم في إنشاء محطة الزور الكهربائية، وأنا استغرب مثل هذا التدخل لان أهل الخبرة من إخوانكم في الوزارة قد رسموا احتياجات البلاد من الكهرباء والماء وعلى ضوئها خططوا لمحطة الزور، فلا تكونوا حجر عثرة بسبب جهلكم بالمستقبل واتركوا الأمر لذوي الاختصاص لأنهم أدرى واحرص على حاجة البلد في المستقبل، فلا تكرروا مأساة «الداو» مرة أخرى.
ليست هذه الديموقراطية يا ناس، ولكن هذه قمة الفوضوية وقمة الدمار للوطن الذي بنيناه وارتضينا له أحسن الأنظمة، ولكنكم أسأتم الى كل القيم والأساليب الحضارية التي أوصلتكم الى ما أنتم عليه، ولكنكم مع الأسف الشديد أثبتم أنكم لستم بأهل له، وكان الله في عون الديموقراطية إذا كانت هذه هي الصورة التي ترسمونها لها.
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق