فيصل الشريفي: الإصلاح معادلة صعبة على المدى القريب

أسئلة كثيرة تدور حول مدى نجاح التجربة الديمقراطية، وعن إذا ما تحقق الحد الأدنى منها، أم كل ما نراه لا يتعدى السراب؟
بصراحة كنت أتصور أن مساحة الحرية التي يتمتع بها المجتمع الكويتي قادرة على تجاوز المثالب الدستورية والنظام الانتخابي على حد سواء، لكن الواقع الذي تعيشه الديمقراطية الكويتية لا يتعدى مادة التربية الوطنية.
على ما يبدو أن هناك أيادي خفية عملت على قتل الديمقراطية من الناحية العملية مع الإبقاء عليها نظرياً، والأدلة على ذلك كثيرة ومتنوعة.
المشكلة التي تعيشها الديمقراطية منذ استقلال دولة الكويت تكمن في عدم قبول الحكومات المتعاقبة الرقابة البرلمانية على أدائها بالرغم من امتلاكها الأغلبية المطلقة في أغلب المجالس، ومع ذلك لم تتورع عن حل المجالس النيابية الواحد تلو الآخر دون اكتراث لعواقب الحل ولأسباب تافهة أحياناً.
هاجس الخوف ظل يلفّ قلب أصحاب النفوذ خوفاً من تغير معادلة مراكز القوى وصنع القرار، والتي أضحت واقعاً بعد أن تغيرت التركيبة السكانية، وتغيرت معها نظرة الأجيال الحالية نحو الشراكة في كل شيء.
اللافت للنظر أيضاً أن السلطة التشريعية والتنفيذية لم تحاولا تطبيق أبسط قواعد الديمقراطية كالعدل والمساواة بين أبناء الوطن، حيث ظلت أبواب “الواسطة” والمحسوبية مفتوحة للمساومات السياسية، والفساد المالي والإداري ينخر في جسد الوزارات والمؤسسات التابعة لها وبمباركة نيابية أحياناً.
ما تحتاجه الديمقراطية الكويتية نهوض يدور حول إيجاد آلية يتفق عليها الجميع من خلال رسم خارطة للمستقبل، تعالج المثالب الحالية للدوائر الانتخابية وتسمح بزيادة ممثلي مجلس الأمة؛ مع التأكيد على حق الناخب باختيار ممثليه، مروراً بإعادة صياغة الدستور لتحقق المزيد من الحريات.
إصلاح هذا الوضع يحتاج إلى مسارين: أولهما مرتبط بإشهار نظام الأحزاب المدنية على أن تكون خاضعة لرقابة سابقة ولاحقة من جهة قضائية مستقلة، تستطيع أن توقف نشاط أي منها متى ما خالفت شروط إنشائها، وثانياً يرتبط بفترة انتقالية تثقيفية تهيئ الناخب للخروج من دائرة التعصب بكل أشكاله. عودة للانتخابات القادمة التي يفترض أن تخرج الكويت من عنق الزجاجة، وأن يكون التصويت للأفضل، لكن وللأسف المؤشرات الحالية لا تبشر بالخير، فعلى الرغم من أن القانون الحالي قضى على ظاهرة تبادل الأصوات لكنه عزز مفهوم التعصب القبلي عبر إجراء الانتخابات الفرعية التي تمّت هذه المرة على رؤوس الأشهاد رغم تجريمها قانوناً، وكأن هناك راعياً رسمياً لها كالبطولات الرمضانية.
مرسوم الصوت الواحد عجز أيضا عن القضاء على شراء الأصوات، ومع أنه كان مصاحباً لكل الانتخابات البرلمانية السابقة لكنه هذه المرة أصبح ظاهرة تلونت باللون الأخضر كالبورصة، ووقفت الحكومة منها موقف المتفرج بالرغم من كونه جريمة يعاقب عليها القانون.
الأمل مازال يحدو أبناء الوطن بإيصال نواب على قدر من الكفاءة همهم رفعة الوطن وصلاح حال المواطن.
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.