الفكرة السائدة الساذجة القديمة قدم التاريخ عن الدعاة: «ان الداعية يجب ان يكون فقيرا بالضرورة، يرتدي أرخص أنواع الثياب وغترته «نص مكوية»، ويسكن بيتا متواضعا، ويا حبذا لو كان إيجارا وليس ملكا، وان تكون سيارته «نص عمر»، والأفضل بالنسبة للبعض من ناقصي النظرة ألا تكون للداعية سيارة من الأصل وان يستبدلها بعصا يتكئ عليها ويقضي مشاويره «كعابي».
وهذه النظرة القاصرة تجاه الدعاة نظرة ـ باعتقادي ـ سخيفة جدا، وكأنه من المحرمات على الداعية ان يقتني أفضل و«أكشخ» السيارات، او ان يرتدي ساعة ماركة او ان يسكن فيلا راقية. بل انه في نظر «القاصرين» من أعظم المحرمات ان يكون الداعية تاجرا او يمارس التجارة او حتى يكسب ماديا من اي من البرامج التلفزيونية التي يشارك فيها او يقدمها.
هذه النظرة القاصرة يعاني أصحابها نقصا واضحا في فهم الحياة، فالداعية في النهاية بشر حاله حال الجميع، يحلم ويحب ويعشق ويتزوج، ويرغب في حياة كريمة بل ومن حقه بل ومن أبسط حقوقه ان «يونس نفسه» ويسافر الى أوروبا وأميركا ويتمتع برحلة استجمام حاله حال الملايين ممن يدعوهم ويدعو لهم وينير دروبهم تجاه الخير، وهذه رسالته ظاهريا على الأقل.
بالأمس أظهرت مجلة فوريس تقريرا عن أثرياء الدعاة او كما أسمتهم نجوم الدعوة، وصنفتهم ترتيبا الأول عمرو خالد بتحقيقه 2.5 مليون دولار العام الماضي، تلاه ثانيا د.طارق السويدان بمليون دولار، ثم العودة والقرني وعبدالكافي، وجاء في تقرير فوربس ان هذه الأموال جاءت عن طريق مشاركاتهم في تأليف كتب والمشاركة في برامج تلفزيونية متخصصة.
ولكن البعض من أصحاب النظرة القاصرة، اعتبر هذا الكسب الحلال الذي ناله أولئك الدعاة الـ 5 كسبا غير مشروع او غير جائز، بل واعتبروه تكسبا باسم الدين، وأقسم بالله ان كل رماهم بتلك التهمة او متجن عليهم او ناقم او «ما يدري وين الله قاطه».
فهؤلاء الدعاة لم يستولوا على المال العام، ولا مناقصات الدولة، ولم يتاجروا بالأغذية الفاسدة، ولم يضاربوا بالبورصة كالهوامير يضحكون على ذقون صغار المستثمرين ولم يتاجروا بالسياسة، وحتما لم يتاجروا بالدين، على الأقل ظاهريا، وأشدد على ظاهريا، فربما انكشف غدا عنهم ما لم نعلم، ولكن ليس لنا ولكن إلا الظاهر.
ونلاحظ ان الأرقام متواضعة جدا بقياسها على نجومية هؤلاء، وشاركوا في برنامج وتأسيس قنوات وتكسبوا من كتبهم، أين المشكلة؟! وأين الخطأ؟! أبدا لا مشكلة ولا خطأ، ومن يتصور واهما انهم يتاجرون باسم الدين، فلِم لَم ينجح سوى هؤلاء الخمسة في الوصول الى القائمة دون آلاف الدعاة، هؤلاء باختصار قدموا شيئا جديدا واستحقوا نجوميتهم والأهم استحقوا أموالهم الحلال الزلال.
توضيح الواضح: أعتقد ان من يكسب عن طريق الدعوة أفضل مليار مرة ممن يتكسب بالسياسة سواء كان داعية ام مجرد سياسي فاضي.
waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق