ليبيا تطوي تاريخ القذافي وتبني متنزها على أنقاض باب العزيزية

على أنقاض باب العزيزية، حيث كان يسكن العقيد الليبي معمر القذافي، سيقوم متنزه عائلي يضم مدينة ملاه كبيرة، ما سيمحي آخر آثار العقيد في العاصمة الليبية.
كان مجمع باب العزيزية، مقر العقيد الليبي المقتول معمر القذافي، في طرابلس يضاهي مخابئ الأشرار الذين يريدون تدمير العالم في افلام جيمس بوند، إذ كانت عربات خاصة تُستخدم للتنقل داخل متاهة من الأنفاق تحت الأرض، تضيئها أنوار كشافة مع استوديو تسجيل ومكتبة. وفوق الأرض، كان مئات الحراس يراقبون ستة كيلومترات مربعة من الحدائق والمروج. وكانت أسرة القذافي تعيش معزولة عن العالم الخارجي وراء أسوار من الخرسانة المسلحة بالحديد، تعلوها اسلاك شائكة وأبراج مراقبة ومرابض من المدافع الرشاشة. وتابع العالم على شاشات التلفزيون سقوط هذا الحصن المنيع بعد هروب القذافي من العاصمة. وفي اغسطس 2011، اقتحمت حشود من الليبيين مجمع باب العزيزية، حيث صبوا جام غضبهم على محتوياته، بما في ذلك نهب قطع منزلية بينها فرشاة من الذهب لتنظيف المرحاض، وبنادق مطلية بالفضة، وعباءات حرير فُصلت على مقاس القذافي في باريس، وأزواج عديدة من أفخر الأحذية الايطالية، كلها احذية بروغ بيضاء. والآن، يواجه وكر الدكتاتور الضربة القاضية لمحو آثاره، ببدء العمل لتحويل المجمع إلى مدينة ملاهٍ تزورها العائلات لقضاء وقت ممتع.
أعلنت وزيرة السياحة الليبية إكرام باشا إمام أن موقع باب العزيزية سيكون منطقة خضراء ومكانًا للتنزه والترفيه لكل العائلات الليبية، وأكدت بدء العمل لإزالة الركام من موقع باب العزيزية، الذي قالت إنه كان بقعة سوداء في طرابلس تقلق بال المواطنين. ولا يُعرف حتى الآن ما ستضمه مدينة الملاهي من مرافق ترفيهية للعائلات أو متى سيُنجز بناؤها، لا سيما أن ليبيا ما زالت تعاني من انعدام الاستقرار ومن القلاقل الأمنية. وكانت عشرات العائلات الفقيرة انتقلت إلى المباني المدمرة التي ما زالت قائمة وسط تلال من الأنقاض. ونقلت صحيفة تايمز عن مسؤولين ليبيين قولهم إن العائلات التي تسكن هذه المباني ستُنقل إلى بيوت جديدة. وقالت وزيرة السياحة الليبية لدى الاعلان عن تحويل باب العزيزية إلى متنزه إن الحكومة تعاقدت مع ثماني شركات خاصة لبناء مجمع ترفيهي جديد.
وأُنشئ مجمع باب العزيزية في عهد الملك ادريس السنوسي، الذي اطاح به القذافي بانقلاب عسكري في العام 1969، ليكون ثكنة ومقرًا. وتولت شركات أوروبية تجديده وتوسيعه بأبنية جديدة في عقد الثمانينات. وكانت متاهة من الأنفاق تحت الأرض تربط مقر سكن أسرة القذافي بالترسانة العسكرية ومركز الاتصالات داخل المجمع. وتمتد الطرق التي شُقت تحت الأرض مسافات طويلة، حتى أن الأخ القائد كان يستخدم عربات خاصة للسير على الكثبان.
فوق الأرض، كان القذافي يفضل أن يترك ترف المجمع ويقيم خيمة مكيفة داخل أسواره، حيث أنشأ خبراء جادات تحفها الأشجار والجداول والمروج الخضراء.
وكانت الطائرات الاميركية قصفت مجمع باب العزيزية في العام 1986، ردا على قيام عملاء القذافي بتفجير ناد ليلي يرتاده جنود اميركيون في برلين. وأحيا القذافي ذكرى ذلك الهجوم ببناء قبضة عملاقة تسحق طائرة اميركية. وكان دكتاتور ليبيا يستخدم هذا النصب خلفية لخطاباته حين اندلعت الانتفاضة الليبية في العام 2011. لكن بعد تدخل حلف الأطلسي لدعم الثوار الليبيين في مارس 2011، تعرض مجمع باب العزيزية للقصف مرات عديدة، وأُصيبت الأنفاق بأضرار جسيمة. وفي النهاية اقتحمت كتائب الثوار بوابات المجمع وسيطرت عليه، وسط قتال شرس في 23 آب (اغسطس) من ذلك العام. وكان أفراد أسرة القذافي غادروا المجمع ولاذوا بالفرار، ومر شهران قبل العثور على القذافي داخل ماسورة لمياه الصرف الصحي ومقتله على يد مجموعة من الثوار خارج مدينة سرت

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.