د.عبدالمحسن جمال: توزير المعارضة.. حل أم أزمة؟

طلب نواب الاكثرية توزير تسعة نواب منهم، قد يكون مطلبا ذا قيمة سياسية وله مبرراته المعقولة، وقد يكون سببا للخروج من المأزق السياسي المتوتر بين السلطتين.

ففي كل الانظمة الديموقراطية يحق لنواب الاكثرية تسلم الحكومة وبخاصة في الانظمة التي تستند الى الاحزاب.

وفي عام 1992 كانت لنا تجربة من هذا النوع بين الاغلبية المعارضة في مجلس ما بعد التحرير، وهو الفصل التشريعي السابع، والذي طالبت المعارضة بدخول تسعة نواب منها الحكومة، ولكن بعد مفاوضات مضنية، قبل المرحوم الشيخ سعد العبد الله رئيس مجلس الوزراء آنذاك بدخول ستة نواب، ولكن النتجية لم تكن ناجحة %100 وان كان لها بعض الايجابيات.

اليوم دخول تسعة وزراء من المعارضة الى الحكومة قد يكون مقبولا، في حالة التقيد بالضوابط الدستورية التالية‍:

1ــــ ان يكون عمل الحكومة تضامنيا ويقومون بدورهم التنفيذي من خلال رؤية واحدة يحددونها بالتضامن مع رئيس الحكومة، والوزراء الستة الباقين.

2 ــــ ألا يعملوا كممثلين للمعارضة داخل مجلس الوزراء، بل كوزراء تنفيذيين يمثلون السلطة التنفيذية التي يرأسها صاحب السمو الامير، حيث ان المادة 52 من الدستور تنص على ان «السلطة التنفيذية يتولاها الامير ومجلس الوزراء..»، وكذلك المادة 55 التي تنص على ان «يتولى الامير سلطاته بواسطة وزرائه».

3 ــــ الالتزام بقوانين الدولة وعدم محاباة المقربين بالتعيينات والترقيات على حساب القياديين الحاليين في الوزارات.

4 ــــ التزام نواب المعارضة الباقين غير الموزرين بالدفاع عن الحكومة وحماية وزرائها، وبالاخص وزراء المعارضة وعدم الانقلاب عليها، وكشف ظهرها بعد التوزير كما حدث في مجلس 1992 حين قام الاسلاميون باستجواب وزير التربية المرحوم د. احمد الربعي مع قبولهم المسبق توزير النواب الستة آنذاك.

بذلك فإن الاغلبية ستتحول الى الحكومة والنواب المؤيدين لها، بينما ستفقد الاكثرية الحالية اكثريتها، وستتناقص الى 26 نائبا، اذا اعتبرنا ان عددهم الحالي هو 35 نائبا.

وحينئذ ستتمكن الحكومة والنواب المؤيدون لها سن كل التشريعات المطلوبة، والعمل معا لعلاج حاجة التوتر السياسي في البلاد.

ولكن السلبية المتبقية هي ان اي نائب ولو منفردا، يستطيع تقديم ما شاء من الاستجوابات متى شاء والى اي وزير اراد، كما ان بقية النواب المعارضين يمكنهم طرح الثقة بأي وزير اذا ما توحدت كتلهم لان عددهم سيظل 26 نائبا، وعندها نكون لا طبنا ولا غدا الشر، بالاضافة الى ان الوزراء من نواب المعارضة يمكنهم التهديد بالاستقالة في اي وقت والخروج من الحكومة والعودة الى صفوف نواب المعارضة، وبالتالي فإن توزير التسعة نواب من المعارضة سيكون مغامرة غير مأمونة، ان لم يلتزم النواب بما سبق ذكره.

د. عبد المحسن يوسف جمال

ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.